لا توجد تبريرات كافية تقنع الرأي العام المتشائم بجدوى تعديل وزاري يطال بضع حقائب، في وقت يرى الجميع فيه أن الحكومة تعاني ضعفا واضحا، ما يحيلنا إلى السؤال الجوهري: هل حقق التعديل الوزاري تغييرا حقيقيا في بنية الحكومة وهويتها؟
ثمة حاجة حقيقية إلى تغيير على حقائب وزارية في الحكومة، والتعديل الثالث في الحكومة الثانية لـ د. هاني الملقي تم في ظل شعور عام بضعف الأداء وعدم قدرة الحكومة على فرض إيقاعها على المشهد العام بسبب أدائها الباهت في كثير من الملفات.
فالخطاب السياسي للحكومة غائب تماما، والفعل الاقتصادي وأثره الملموس كذلك، وتحديدا في ملف الاستثمار وجلبه وإدارته وتشجيعه، بدلا من تطفيشه كما هو حاصل اليوم.
الصورة الكلية تشي أنه من غير المتوقع أن يحدث التعديل الجديد على حكومة الملقي تغييرا جوهريا حيال تقييم الناس للحكومة، ولا أن يزيد من حضورها في المشهد العام، وجعلها تبدو كحكومة قوية بهوية مختلفة، ومتجانسة، لكنه قد يقود إلى تحسّن أداء بعض القطاعات.
هناك أسئلة عديدة تقفز إلى ذهن الراصد حيال ما جرى أمس؛ وهي أسئلة مفيدة إن كنا نبحث عن أثر التعديل الحكومي، وأول تلك الأسئلة: هل يسهم التعديل في تقوية الرئيس الملقي الذي منح أكثر من فرصة لـ"دوزنة" فريقه؟ وهل يتحسن الأداء الحكومي مستقبلا؟ وكم سيطيل هذا التعديل من عمر الحكومة؟
المفاجأة في التعديل كانت بخروج وزير الطاقة والثروة المعدنية د. إبراهيم سيف الذي قدم أداء مميزا خلال فترة توليه هذه الحقيبة، إذ وضع عديد مشاريع استراتيجية فيها على الطريق الصحيح، ونجح بتنفيذ أكثر من مشروع؛ بدءا من باخرة الغاز، مرورا باتفاقية الغاز الإسرائيلي، وليس انتهاء بمشروع استخراج الكهرباء من الصخر الزيتي.
النقل، حقيبة ثانية شملها التعديل، وهي مرتبطة بتقييم أداء الوزير خلال الفترة الماضية، وهو الذي دخل الحكومة لأسباب محددة مرتبطة بخطأ تعيين سابق لحامل هذه الحقيبة، وخرج منها بعد تقييم بضعف الإنجاز وغياب الخطة لتحسين وضع قطاع النقل العام البائس.
أيضا، خروج وزير التنمية الاجتماعية متوقع بعد الزيارة المفاجئة للملك إلى مركز التأهيل والتشغيل المهني للمعاقين في لواء الرصيفة التابع لوزارة التنمية الاجتماعية، اطلع خلالها على واقع الخدمات المقدمة للمستفيدين، والتي تبين أنها متردية.
اللافت أيضا، أن التعديل لم يشمل حقائب تكاد العلاقة بين حامليها والملقي تنقطع، إذ يغيب التنسيق وتتبخر الكيمياء في كثير من الأحيان.
تزامن التعديل أمس مع لقاء الملك وقبول استقالة رئيس هيئة الاستثمار، يؤشر إلى أن تقييم الأداء الحكومي في ملف الاستثمار سلبي ولا يرتقي إلى الطموحات التي من الممكن أن تحدِث فرقا في هذا الملف المهم.
على كل ستبقى حكومة الملقي بتركيبتها الجديدة لفترة مقبلة معنا، وهي التي تدير البلد في فترة صعبة وثقيلة ومحملة بالتحديات الداخلية والخارجية، وإن كانت تسعى للنجاح وإطالة عمرها فعليها أن تسعى لتحول كبير في خطابها وخططها.
بالمحصلة، ورغم أن التعديل ليس سياسيا ولا يشي بأن تغييرا كبيرا في نكهة هذه الحكومة وهويتها يمكن له أن يحصل، ما يؤشر إلى أن ثمة عملية مراجعة قد تمت على أداء الفريق الوزاري، وأنه تم تقييم عمل الوزراء خلال الفترة الماضية، وأن التعديل جاء على هذا الأساس. ولكن هذا الأمر لا يستقيم حين ننظر إلى التفاوت الكبير في أداء الوزراء الخارجين من الحكومة، فبعضهم لديه إنجازات لا يمكن إنكارها، وآخرون مروا في وزاراتهم بصمت وبلا أي بصمة أو إنجاز.
الغد