يوميات اردنية: عشائرية 2017
د.سيما كلالدة
15-06-2017 03:50 AM
الشرطي: اوقف السيارة
السائق: اهلا . انت من وين؟
الشرطي: من كذا..................
السائق: هذا والله طلعنا قرايب . انت فلان ابن فلان
الشرطي: هلا والله
و بعد تحاور ونقاش يقول الشرطي: هاي المرة سماح ، بس المرة القادمة دير بالك "مع غمزة وابتسامة" وسلم على فلان.........
طبعا تم توقيف السائق من قبل الشرطي كونه يستعمل الخلوي اثناء القيادة و لا يضع حزام الامان.
في دائرة حكومية مواطن جاء لاجل معاملة رسمية
الموظف: تفضل
المواطن: مرحبا, قوِّك، انا فلان ابن فلان ، بسلم عليك فلان و بقولك مشيلنا المعاملة، خليني اضرب عليه تكلمه.
الموظف: اسمع، تعال من ورا الكاونتر، بلاش قدام المراجعين و انا بمشيلك اياها.
في جامعة رسمية
تمت ترقية موظفة من درجة بسيطة وبذلك تعدت على ثلاث موظفين يسبقونها خبرة وعمرا ، فهي فلانة بنت فلان.
قامت الدنيا و ما قعدت بعد ان تم القبض على فلان و هو بالمنسابة "معروف لدينا" تاجر مخدرات مخضرم و ازعر رسمي. طلعوا اولاد عمه و العشيرة على المركز الامني و بدائوا بالتكسير و التخريب والترهيب. وواسطات رايحة وواسطات جاي لاخلاء سبيل صاحب الاسبقيات ، و بالفعل أٌخلي سبيله بعد يوم اختصارا للشر والتوعيد بالمساس بمن كان مسؤولاً عن القبض عليه.
دهس شاب بسيارته المرسيدس رب اسرة لاطفال ثلاث و توفي الاخير فورا. طبعا تم لملمة الموضوع بفنجان قهوة و حفنة من الدنانير، عيب مهو ابو المحروس فلان الفلاني، يوم واحد ما قعد بالسجن.
تدب مشكلة في الطريق بين شابين و كل واحد ينهال بالسباب على الاخر ويتوعد: انت مش عارف مع مين بتحكي والله لاورجيك .
و هكذا تُفتح الدواوين , و ناس رايحة وناس جاي و قهوة ومناسف وسهر، لزوم السوالف الفارطة التي تلهي الناس بامور و توافه قد ترفعت عنها امم من قبلنا.
امم يُوظف الانسان و يقدر على كفائاته و قدراته، و ليس على عدد المناسف و العزايم وكونه فلان ابن فلان.
امم ترقى بشعوبها للافضل ، تنجز وتخترع وتبحث وتناقش.
لقد كان للعشائرية زمنها وعزها، يوم كانت الزُلم تحكم والعيال تسمع ، يوم لم يكن هناك لا قانون ولا دولة ولا حاكم ولا محكوم. كانت العشيرة تفك و تربط وتحل كثير من المشاكل، و يوم كانت الحياة لها محدودية تضمن السيطرة على الامور . و يوم كان هناك عار و عيب و كان من يخطئ يُوبِّخ و يُعاقب.
اما و نحن في هذا الزمان ، زمن تتعدد فيه اوجه الفساد ، من فساد اخلاقي ومالي ، زمن لا يحكمه الا القانون ، و لا يكون للقانون معنى دون سيادة فوق الجميع ، فاستثناء افراد وتبريره لامتيازهم يساعد على التملص من قبضة القانون والنتيجة كارثية من كل الزوايا. فالشباب يهاجرون لعدم شعورهم بالانصاف ، و المثابرون يشعرون بالتقليل من شائنهم لان الرسالة التي يسمعونها تؤكد على ان الفرد ليس له اهمية ، ما دام ليس له ظهر يسنده وانه مهما اجتهد وتعب لن يجني ثمار هذا التعب . فسيأتي فلان ابن فلان على البارد المستريح يجني تعبه. عدا عن تفشي الشعور بالحقد و الكراهية ، و يتطور هذا الشعور ليتحول الى كره للبلد وحالة اكتراث و عدم مبالاة من ما نلحظه الان. فمن ليس له ظهر تُغلق الابواب في وجهه، ولا تَبتسم له الوجوه ، و لا يُفسح له المجال.
الدفة تسير في جهة ونحن نسير بالاتجاه المعاكس .
ان الاوان في الاردن لتقدير الانسان بعيدا عن اصله و فصله ، بل لحبه للعمل و اتقانه له و لابداعه ولانسانيته. و ليثبت كل جدارته بنفسه.
و ليثبت كل فرد حبه لوطنه باخلاصه له ، ليس بمنصبه او سلاحه او اسم عائلته.
ولنحافظ على عشائريتنا كما أُورثت لنا ،بناها الرجال للرجال ، فلا تكن وسيلة بيد كل من ضعُفت نفسه يستخدمها لاغراضه ويحشد المئات دفاعاً عن خطأ القضاء كفيل به.
جميعنا فخورون باجدادنا وبما انجزوا ، ونطمع ان يفتخر اولادنا من بعدنا بما حققناه.
فدعونا لا نُقبل على خطأ كبير يجعلنا نخجل من عشائريتنا ، فباتت العشائرية مقرونه بالفساد والتعدي والعصبية والعنجهية، ولنبقيها رمزا للرجولة والشهامة والكرم والحكمة. عيب علينا ان نمسح ما شقي اجدادنا من اجله ، عيب علينا ان لا نقول الحق في و جه الخطأ ولنستعمل الوقت للانجاز لا للديونة وصف الحكي .
نداء الى رجال هذا البلد ، دعوا القانون يتكفل بالمذنب ، ولا تتوسطوا لا من أجل عيون فلا او لحية فلان ، وليكن عبرة، فالعبرة رادعة، ولن تكونوا اكثر حكمة من الله عز وجل.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا.
ولتكن العشائرية مفخرة كما عهدناها.