موسم جرائم السـرقة الفاضحة
فارس الحباشنة
15-06-2017 02:09 AM
سرقة 15 منزلا في تلاع العلي منذ بداية شهر رمضان، خبر فاضح في عالم الجريمة. لربما ان «حظ الخبر» سيىء، فتوقيت نشره تزامن مع مانشيتات ضخمة عن التعديل الحكومي والازمة الخليجية والحرب الكبرى في سوريا والعراق، وعن سياسة الرئيس الامريكي» ترامب « الذي تندر البعض على انه ممثل لادوار سينمائية تفجر في عالم العلاقات الدولية «ميلودراما «.
هي انباء كبيرة لم تكن بالتأكيد ذات تأثير مباشر على حكايا 15 سرقة بجانب حكايات كبرى تشغل الرأي العام الاردني. ففي عام 2017 وبالاشهر الاولى تصادف وقوع اشكال متنوعة من «جرائم كبرى « واكثرها رواجا كان السرقة والنصب والاحتيال والسطو المسلح والاغتصاب.
ورغم أن معدل الجرائم في الاردن يتراوح ما بين ذات المؤشرات صعودا ونزولا، الا أن ثمة ما هو جرائم تراكمية ونوعية تهز الرأي العام، وتتحول الى مصدر رعب وتخويف جراء تكرار وقوعها وارتكابها باعصاب باردة.
فماذا اذن يفسر وقوع 15 جريمة سرقة خلال اقل من اسبوعين في تلاع العلي؟ ولربما أكثر ما هو مرعب بما يطفو على السطح من جرائم السرقة الخوف من تحولها الى ظاهرة. في العرف والتقليد الامني ما يتحول الى ظاهرة فان الاجهزة تتعامل معه دون اكتراث، عندما تمتلىء سجلات المراكز الامنية بوقائع لجرائم متماثلة.
ليست المرة الاولى التي يقع بها هذا المعدل المرتفع لجرائم السرقة الا أن ثمة ملابسات وظروفا غامضة شحنت الرأي العام بشكل مسبوق وتدق ناقوس الخطر لتمادي «الحرامية «، وتكثيفهم على مزاولة جرائمهم بتقارب زماني ومكاني.
وقائع سرقة المنازل في تلاع العلي لربما لا تقل عن سلسلة جرائم غامضة ومثيرة تشغل الرأي العام كالانتحار والقتل والفساد الغذائي وسرقة المركبات وحوادث السير وحفلات المثليين وغيرها، ولكن أكثر ما يفجر اسئلة حول الامن الاجتماعي بسبب التطور الكمي والنوعي الذي طال الجريمة في بلادنا من ناحية، ومن ناحية اخرى تثير خيال القارىء العادي تجاه حقيقة وجود «عصابات منظمة «.
ولربما حتى الان لم يعترف الامن العام بوجود « عصابات منظمة «، ولكن من باب التخمين المسؤول والعاقل والمدرك فإنه محاولة لفهم مناخ اجتماعي متوتر ومشحون اقتصاديا وسياسيا، فهناك بيئات حاضنة وراعية لنمو الجريمة وتطورها، وهذا ما يدعونا الى الاعتراف الصريح بأن فظاعة التشوه الاجتماعي والاقتصادي ادى الى ولادات جريمة تسابق في منظور امتداد مداها اعين السلطات الامنية المعنية.
فهل يمكن أن نرى نتاجا مضاعفا ومكثفا للجريمة في كل هذه الفوضى الاجتماعية والاقتصادية والاخلاقية وحتى السياسية التي تصيب بلادنا ؟ ولربما هي حروب جريمة أشد فتكا بالمجتمع مما قد تقوم به تيارات اخرى ارهابية ومتطرفة، هي مصائب متشابهة تخرج من شقوق متصدعة تجري وحوش على ملئها بالجرائم.
لم تعد جرائم السرقة تحظى بجلب اهتمام الناس، فالمجال العام مختنق بحكايا الأجرام الاخطر والاشد رعبا التي تهدر حياة الناس وكرامتهم واستقرار عيشهم، وتشغل الناس عن التفكير فيما يحدث حولهم.
الدستور