لم نكن بحاجة إلى أرقام وزارة التنمية الاجتماعية لنعرف أن التسوّل قد تضاعف هذا العام ، فالشوارع والمطاعم والمقاهي و الأسواق الشعبية ومداخل البنوك وأبواب المساجد تشهد ذلك، واسمعوا من عبارات الرجاء والأدعية ما تشتهون ..التسوّل مثل الدراما الرمضانية كل عام تحمل وجوهاً جديدة وأدوارا جديدة مع الحفاظ على بعض نجوم التسوّل المرابطين في أماكن إستراتيجية حيث تدرّ لهم دخلاً محترماً و ينهرون كل من يقترب عليها من الوجوه الشابة أو حديثي العهد بالصنعة فهذا المكان له قيمته وفائدته و»خلوّه» في حال أراد التنازل عنه لزميل آخر بشرط ان يحمل نفس المؤهلات والخبرة والوقار.
أكثر ما لفت انتباهي بتصريح وزارة التنمية الاجتماعية حول التسوّل برمضان أن متسوّلين غير عرب «أجانب» دخلوا على الخط وبدأوا ينافسون العمالة المحلية والعربية في هذا القطاع..وأول ما خطر ببالي ما هي الدراسة التي استند عليها المتسوّل الأجنبي ليستقر به الأمر هنا ويعتبرها سوقاً جيداً للصدقات .. مين «اللي قرده حجل له» وجابه لهون..ونحن أكثر من نصفنا ينظر الى جيب قميصه أكثر من الطريق كي لا يضيع الدنانير العشرة التي رصدها للتسوّق في ذلك النهار..متغرّب ومغلّب حاله وجاي يشحد من طفران؟؟..أكثر من ثلثي شعبنا قميصه طالع من بنطلونه..ولحيته مشوكّة..وشعره مكبّش..ولسانه مايل ع زواية ثمه» من الصوم وسوء الحال وقلة المال وكثرة الضرائب وغلاء الأسعار..
متسولون اجانب؟؟؟ على الأقل فليخجلوا من هذا المكان ، فالوطن العربي لكثرة ما أصابه من حروب وانقسامات وتشريد وفساد في ادارات الدول يحق لمواطنيه ان تسوّلوا ليعيشوا أما الجنسيات الأخرى على فقرها وبؤسها ..الا انها لم تعان عُشر ما عانته بلاد العرب أوطاني...
وعودة الى التسوّل...بالمناسبة ما ينطبق على الطبقة العليا ينطبق على الطبقة الدنيا..يعني كما يوجد عائلات ثرية يتصدر اسمها قائمة «فوربس» للأثرياء العرب و نادي الملياردية..ايضاَ هناك طبقة شبيهة لكن مقلوبة ،فهناك عائلات تتصدر قائمة التسول..أشقاء وشقيقات يجوبون الأسواق ويتقاسمون الأرباح كلا حسب جهده وحصته في رأس المال..
بالمناسبة التسوّل كأي عملية اقتصادية أخرى تخضع لنمو وازدهار وركود وكساد «فالدورة المالية واحدة تقريباً»..والاموال يعاد تدويرها..بين صرف وسلبطة وتسول..الحكومات تتسوّل من الدول المانحة على ظهر الشعوب ، وعندما يصل عُشرها للشعوب على شكل رواتب..يقوم الشحّاد بالتسول من الشعب الذي بدوره يقوم بإعطاء المتسوّل ما تسوّلته حكومته من رواتب.. المتسوّل بدوره كأي مواطن يدفع ايجار البيت وفواتير الكهرباء للحكومة من جديد..الفاسدون «يتسلبطون» على مال الحكومة ..فتعود الأخيرة لتتسوّل من جديد على ظهر الشعب.. وهكذا تستمر حياة «الشعتلة»..
الرأي