يخضع المتهمون من أعضاء اللجنة "الثقافية"في نادي الوحدات للتحقيق القضائي بعدما تم توقيفهم بالأمس على خلفية الفيديو المسيء الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ويصور حفلا ومسابقة تنظمها اللجنة، ويتضمن صورا وكلاما مشينا بحق رمز الدولة، وينكأ جراحا قديمة.
إدارة النادي الغائبة عن نشاطات لجانها الثقافية أصيبت بالذهول، وسارعت إلى اتخاذ ما يمكن من إجراءات لمعاقبة المسيئين والتبرؤ من الفيديو، مع أن أصول العمل في الأندية والجمعيات تفترض بأن تصادق الهيئة الإدارية للنادي على برامج عمل لجانها قبل تنفيذها.
محتوى الفيديو ليس مسيئا من الناحية الوطنية والأخلاقية فقط، لكنه رديء من الناحية الفنية، ولا يليق بسمعة ناد مشهور مصنف على الدرجة الممتازة.
لكن بالرغم من أنه مقزز شكلا ومضمونا فإنه أثار سجالا كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي انخرط فيه ألوف الأشخاص.
ردة الفعل الشعبية الغاضبة من الفيديو مفهومة ومشروعة، فلم يكن يتصور أحد أن بيننا من يفكر بهذه الطريقة المنحطة. لكن أخطر ما تمخض عنه النقاش هو اتجاه فئة كبيرة من المعلقين إلى تحميل شريحة اجتماعية واسعة المسؤولية عن الفيديو، وتجاوز التعليقات حدود الإساءة الواردة في الفيديو، إلى تراشق طال مواضيع الهوية والانتماء.
في مقابل ذلك، برزت فئة ثانية تحاول التقليل من خطورة الفيديو، بالتركيز على ممارسات خاطئة لأنصار الفريق الخصم، كما لو أنها تعتبر الفيديو رد فعل على تلك الممارسات، أو بوزنها على أقل تقدير.
الفريقان جانبهما الصواب؛ فالقاعدة العريضة من جمهور نادي الوحدات غير مسؤولة عن فعل مشين ارتكبه بضعة أشخاص موتورين. وسلوك فئة شاذة من جمهور النادي الفيصلي لا تبرر أبدا السكوت على الفيديو المسيء أو تمريره وكأن شيئا لم يكن.
ينبغي على كل الأطراف بداية الكف نهائيا عن توظيف الرموز الوطنية وقضايا الهوية في حملاتها التنافسية. وثانيا يتعين أن يدرك الجميع أن الإساءة لرمز الدولة هي فعل مجرم في القانون الأردني، فهو مصان بالمطلق وفق الدستور الأردني سيد القوانين وأصلها.
الأمر الثالث، على حد علمنا نادي الوحدات وبقية الأندية معنية بالأساس بالنشاط الرياضي بالدرجة الأولى. أما إذا كان ولا بد من نشاط ثقافي، فيجب أن يبقى في الإطار الرياضي أيضا كتثقيف جمهور النادي بأصول وقواعد واخلاق التشجيع في الملاعب، ومحاضرات توعوية حول مخاطر وعواقب عنف الملاعب والهتافات المسيئة.
ولو سلمنا بحق الأندية في توسيع دائرة نشاطاتها الثقافية، فإن ما ظهر في الفيديو تجاوز هذا الحد ليسقط في خانة النشاط السياسي غير المصرح فيه لأندية رياضية. لم أسمع من قبل أن نادي ريال مدريد على سبيل المثال، نظم ندوة عن الحرب الأهلية في أسبانيا أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
إن أسوأ ما في أندية الرياضة الأردنية ارتباطها الوثيق بالهوية. ينبغي فك هذا الارتباط نهائيا لتتفرغ لوظيفتها الأساسية كأندية تهتم بالشأن الرياضي، وتنحصر المنافسة بينها على الكرة في الملعب وليس في الشارع.
الغد