اليوم و في ظل التصارع القائم في الاقليم والتجييش والقتل والتهديد، أضحى الأردن قلعة حصينة ضد كل معتد جبان، فعلى الرغم من شح الحال وضيق المورد إلا أنه مخرز وجزء أصيل من الأمة العربية والإسلامية متوحدا في مشاعره وفي وجدانه وجهوده وثقافته وآماله لا ينفصل عنها ، و أنموذجا للأخوة والأصالة والنخوة والشهامة العربية فمنذ تأسيس الدولة الاردنية رسخ بني هاشم نهجا عاما وصورتا نمطيتا لهذا الحمى فبات الأردن سباقا لما فيه ما خير حيال أي من القضايا العربية والإسلامية ، وكان أكبر همه الحفاظ على الأمة وعلى كرامتها وكرامة المواطن العربي و العيش في أمان واستقرار للجميع ، إلا أن تغطرس الحكومات والأنظمة في الإقليم أبت إلا أن تغرق نفسها وتغرق أهلها فسقطت أنظمة وإنهارت دول ، ودخل داء الإرهاب والعنف والتطرف مكامن هذه الأنظمة حيث باتت في مأزق وفي تيه لا يحمد عقباه.
وعلى الرغم من كل هذا وذاك أثبت الأردن عبر تاريخه وحاضره بقيادته الهاشمية التي تسلحت بفكر الثورة العربية الكبرى وعزائم رجاله أنه البلد الشامخ والمخرز في عين كل معتد جبان ، وأن ان التحديات والصعاب التي تواجهه لا تزيده الا قوة ومنعة وثبات وقد شهد العالم اجمع ان قوة الاردن وبأس رجاله في مواجهة التحديات ،وأثبت الأردنيون مثالا حسنا يحتذى به في إلتفافهم حول قيادتهم الهاشمية رافعين رايتهم على صدورهم عالية خفاقه ، مؤمنين بثوابتهم التي لا تقبل التغيير أو التأويل سار على هديها أجدادنا كما نحن نسير الآن وكما سوف تسير عليها الأجيال الأردنية القادمة شتى الأصول والمنابت ، والتي أهمها الالتفاف حول النظام الملكي الهاشمي مؤسس هذا الحمى وراعي مسيرته ورمز جامع لانتماء هذه الأمة وشرفها وكبريائها وعروبتها وتاريخها العريق كيف لا ونحن نلتف حول اعرق سلالة ملكية على وجه الخليقة بانتسابها لأعظم الرجال رسول الله صلى الله عليه وسلم .وباعتبارها الامتداد الشرعي للقيادة العربية عندما قادت الثورة العربية الكبرى ثورة الحرية والاستقلال والشرف العربي وكان هذا الحمى احد ثمارها ومجال تطبيقها .
ولعلي في هذه العجالة أشير دور واهمية النظام الملكي الهاشمي في تجسيد الديمقراطية والإصلاح السياسي والتي لا يمكن لها أن تتجلى إلا من خلال الانسجام في الهيئة الوطنية هذا الانسجام إما أن يكون انسجاما وظيفيا كالإجراءات الناظمة للعملية الانتخابية وحق الشعب في تقرير من يمثله أمام الدولة أو انسجاما ماديا ل كوحدة الإقليم والثقافة والتاريخ والطموحات والرغبة في العيش المشترك على وطن واحد يكن له الشعب كل معاني الولاء والانتماء ، وهنالك عوامل أخرى لهذا الانسجام أيضا وهو الانسجام الذي توفره الحكومات الملكية أكثر الأنظمة الدستورية استقرارا بين أنواع الأنظمةالأخرى .
وعليه يمكن القول أن عوامل الانسجام السابقة قد تجسدت في الأسرة الحاكمة وفي جلالة الملك لله الثاني بن الحسين فشكل جلالته رمزية للحكم المثالي قل نظيرها في العالم اجمع ، فقد عملت القيادة الهاشمية منذ عقودا مضت على تحقيق الوطنية والديمقراطية في الدولة فبالرغم من حداثة العهد وقلة الموارد حتى أصبح الأردن يضاهي في تقدمه اعرق الديمقراطيات في العالم ، مع التأكيد أن نظامنا الملكي الهاشمي محل إجماع الجميع يلتف الشعب حوله كونه الرابط الذي يجمع وحدتنا السياسية والتي بدونها لا يمكن أن يكون هنالك دولة ونظام صالح حامي للجميع ، إضافة إلى ما تتمتع به قيادتنا الهاشمية من حكمة ووسطية وخلق رفيع وجلالة الملك كما هم القادة الهاشميين مثالا يحتذى به في التواضع والعفو والموضوعية وملاذا آمنا للضعفاء وأب للأردنيين يلتفون تحت عباءته من كل ظالم أو مسئول مستبد أو ناكر للجميل او آكل للحق أو مفسد .
ومن ثوابت الأردنيين الأمن القومي الأردني فكما هو الأردن دائما واحة امن واستقرار ومنعة وهذا الأمر يرتب على كل أردني وأردنية مسؤولية مشتركة لدرء أي خطر يهدد امن الدولة واستقرارها وهي ليست مسؤولية أجهزة بعينها بل مسؤولية تتضافر فيها كل الجهود ومؤسساته المدنية والعسكرية من اجل حمايته من أي فكر متطرف أو أي منابع له ،مما يقع على عاتقنا جميعا محاربة هذا الفكر المنحرف في عقول الشباب من خلال فهم صورة الإسلام الحقيقة والتسلح بسلاح الإيمان مع ضرورة تكاتف افراد الدولة حول القائد والجيش والأجهزة الأمنية لدرء خطر الإرهاب ، مع التأكيد في المقابل على خلق حالة من الأمان والعدل الاجتماعي وتعميم التكافل الاجتماعي بين أبناء الوطن وتوفير فرص العيش الكريم والتأكيد على مبدأ احترام الحريات وحق المواطن في التعبير عن رأيه التي كفلها الدستور وتبناها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في جميع توجهاته ، وهذه من أهم الأوليات التي يجب على الحكومات أخذها بعين الإعتبار .
ومن قناعاتنا كأردنيين أن وحدتنا الوطنية هي أساس منعتنا وقوتنا، وحدتا ناظمتا لجميع أبناء هذا الحمى بصرف النظر عن أصولهم ومنابتهم وهي خط احمر وضرورية ملحة لحماية الدستور وأساسا لوحدة صفنا الداخلي وأخيرا نحتاج للتغير نعم لكن هذا التغيير ننطلق فيه من خلال أرضية ثوابتنا الوطنية نحتاج لمحاربة الفساد والمفسدين نحتاج لمزيد من الرقابة الإدارية والقضائية ، نحتاج لتعديل بعض التشريعات الهامة كقانون الانتخاب وقانون الأحزاب نحتاج لإعادة ضبط العلاقة بين سلطات الدولة ، نحتاج لتعزيز المزيد من حصانة السلطة القضائية فهي برأيي أساس الإصلاح السياسي لأن القضاء يشكل هو الجامح والكابح الرئيسي لأي سلطة تتغول على السلطات الأخرى .
عاش الأردن حرا منيعا وعاشت قيادتنا الهاشمية رمز وحدتنا ومنعتنا تحت ظل سيدي صاحب الجلالة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ، ودامت الراية الهاشمية شامخة خفاقة .