العم ابو سميح .. عمّان ستفتقدك كثيراً
بريهان قمق
11-06-2017 02:37 AM
على الرغم مما قيل ويقال حول المطاعم الشعبية رغم ذلك لم يفقد مطعم هاشم بريقه وجذبه للناس، أحببته كغيري من الناس لبساطته بكراسي القش الصغيرة - قبل استبدالها بكراسي البلاستيك التي أصابتني بخيبة - وعجقة المحل والأصوات العالية والطلبيات وأصوات الملاعق تقارع الأكواب والشاي بكوب كبير وقد كنت أمازح عند تقديم الطلبية: بدي دوبل شاي كما مزاج سائقي التريلات.
لا يمكن لك الذهاب إلى وسط البلد دونما أن يخطر على بالك فورا دور السينما بسمان ورغدان والخيام والحسين وغيرها، التي كانت تضج بالحيوية حيث شاهدنا من خلال شاشاتها ذات زمنٍ جميل، أرقى الأفلام السينمائية العالمية والعربية وأعظمها على الاطلاق، ولا يمكن إلا وأن نستذكر كنافة حبيبة، أو بوظة جبري، أو بائع الفستق السوداني ابو أحمد رحمه الله الذي لم نعرف يوما جذره بسبب سمرة بشرته وقد كان يعترينا خجل السؤال، إنما كنا نعرف جيدا انه العم ابو أحمد الطيب الحنون الودود، وصراحةً لما نكترث اصلاً إن كان نيجيريا أم كينيا أم سودانيا أم نيروبيا فقد كانت طيبته وابتسامته الودودة زوادة روح كافية مع كمشة من الفستق الطازج الساخن كي نبتهج.
عمّان مدينة الحبّ الأخوي في احتضانها للإنسان فيها، التي تودع اليوم رجلا ودودا طيبا آخر "الحاج هاشم الترك العم أبو سميح" صاحب أشهر مطعم شعبي، ولربما الأقدم تاريخياً في وسط البلد، والذي يمتد عمر المطعم لما يزيد عن النصف قرن، لا يمكن لنا إلا وأن نستذكره بكل الخير والأثر الطيب في معنى القدرة على جمع كل المستويات الاجتماعية من أعلى راس الهرم السياسي إلى أبسط أردني على مائدته البسيطة و صحن الفول الساخن والحمص والفلافل الشهية مع كمشة بصل وشاي "الدوبل" الذي لطالما عشقتُ احتساءه تتخلله بضعة أوراق من النعناع وبألفة شديدة على الرصيف.
التقيته مع عائلتي قبل ما يزيد عن العشر سنوات ذات ليلة في محله الثاني بأم اذينة الارقى من حيث الموقع، وصارحته آنذاك قائلة: مثل مطعم ابو هاشم بوسط البلد ما في، فضحك قائلا: هناك غير شكل..
.
اليوم ونحن نودعك العم أبو سميح نقول : عمّان ستفتقدك كثيرا ...وإلى رحمة الله.