الإعلام ومكوّنات الهوية الوطنية
د. تيسير المشارقة
11-06-2017 02:09 AM
لا يمكن لأي أردني وطني أن يكون مع إسرائيل والاحتلال لأن وطنيته تتشوّه من خلال ذلك. وكراهية الأخ العربي لا تستقيم مع الهم الوطني والقومي المشترك بين كافة مكونات الوطن العرقية والإثنية. وكراهية الشركسي أو المسيحي أو الفلسطيني أو المواطنين من أصول سعودية أو سورية أو عراقية ومصرية هي مشاعر غير وطنية ولا قومية ولا إنسانية.ـ
ينشغل الإعلام عن المكوّنات الحقيقية للهوية الوطنية. الانتماء والهوية الوطنية هي خيار طوعي حر، فمثلاً أن تكون وطنياً اردنياً عندما يكون ذلك خيارك وانتماؤك ولا أحد يستطيع انتزاع هذه المشاعر من قلبك. وكثير من الأردنيين يذهبون إلى أميركا وبعد دقائق من أخذ الكرت الأخضر يقولون بالأمريكانية الإنكليزية (أيَام أميريكان) ـ إنها مسألة حرية باعتقادي واختيار وشعور.ـ
نحن في الأردن بحاجة للأمن والاستقرار وحضن دافئ وثقافة متطوّرة ومتنامية وتعددية ووحدة مشاعر في التنوّع، وهي مكونات الهوية الوطنية الثلاث.
لماذا يذود الشركسي أو الفلسطيني عن تراب الأردن المقدس ولماذا يدافع عنه ويحميه؟ ـــ لأنه ينتمي إليه، ويحس بالأمان والاستقرار فيه، وثقافته في هذا الوطن مُصانة ومُحترمة ويستطيع تطويرها ورعايتها في مُناخ من التعددية الخلاّقة. ولأن عدونا جميعاً هو "الصهيونية"(الإرهاب) العدو المشترك، ونتوحد كلّنا في الصراع معها ومواجهتها. ـ
انتماؤنا للأردن نابع من العمل أيضاً والانتاجية والعطاء له، ومن وحي الهوية الوطنية بمكوناتها الثلاثة. فكلنا الأردن، طالما نحس بأننا فيه مواطنون من الدرجة الأولى ولسنا مستأجرون أو مستخدمون أو عمالة وافدة أو قفازات لمرة واحدةـ
جدل الهوية والانتماء يبقى يؤرقنا نحن العرب المتشابهين في الأرض العربية. ولكن الهويات الجديدة الصاعدة تكون في الغالب قائمة على منظومة قيم هامة كالتسامح والحرية والعدالة والولاء والانتماء وحب العمل والانتاجية وحرية الاعتقاد والتعددية الفكرية والثقافية ولا تمييز بين الأعراق المكوّنة أو الألوان أو اللغة أو الأصول. فأميركا نموذج للتعددية الثقافية والعرقية والإثنية المكوّنة للهوية الأميركية الجديدة التي تقود العالم.ـ
المكوّنات الحقيقية للهوية الوطنية الأردني هي ثلاثة: الأمن والاستقرار، الثقافة الوطنية الواحدة، والوحدة الوطنية في مواجهة كل الأعداء. وهذه المكوّنات ينبغي أن يركّز عليها إعلامنا الوطني.ـ