حذاء الزيديّ بين سخرية المقام وسخونة المقال !
ممدوح ابودلهوم
17-12-2008 08:59 PM
[ حاولتُ أن أحذوَ حذو الآخرين في اقتناص هذه الفرصة الماسية ، بأن أفوز بمقالة ساخرة مستوحاة من ما زال يعتبر خبر الساعة وبامتياز منذ ثلاثة أيام ، وأعني الحدث الأسخن عراقياً وقومياً المتمثل في مونودرامية حذاء الصحفي العراقي منتظر الزيدي ، لولا أكثر من (لا) عصيّة وحزينة راحت تصطف على تخوم رأسي بإصرار عجيب ، الأولى والأسرع كانت أنين منتظر مُلقىً على الأرض ، تنال من جسده المنتفض القبضات لكماً و الأقدام رفساً ، والثانية شريط الذاكرة يعرض مشهديات نوستالجيا الدم الصحفي المراق على ثرى العراق ، ما ينوب عنه وبحزن مقيم اغتيال الشهيد طارق أيوب رحمه الله ، وهو ما كان حلقة تتقدم سلسلة الرحيل والأدق قافلة الاستشهاد الصحفي ، كالصحفية الشاعرة أطوار بهجت عن باقي ركب شموس القلم التي أطفأتها أيادي الغدر العتموي في العراق ..
لقد قال الفضائيون ومن استضافوهم في هذا الحدث ما لم يقله مالك في الخمر ، فعلى مدى الأيام الثلاثة الماضية لم تتوقف عجلة الإبداع الإعلامي المرئي منه بخاصة ، عن بث اللقطة / الماستر بيس .. بحسب قاموس النقد السينمائي ، لا بل أن فضائية بعينها ما زالت تغطي هذا الحدث منذ لحظة وقوعه ، فأوقفت بثها عليه وحده منذ مساء (14/12) ، وفي ال24 ساعة الأولى اقتصر بثها فقط على اللقطة والتي استغرقت 12دقيقة ، فأعادتها مئات المرات لكنها في غمرة ذلك لم تنسَ أيضاً ، إعلان استعدادها لدفع أتعاب أي محامي يترافع عن الزيدي ، ولعلي لا أبالغ إذا ما قلت بأن تغطية 3 أيام تفوق فيما أحسب تغطية 5 أعوام (!) وهي التغطية التي رافقت سنيّ اعتقال الصحفييّن السوري تيسير علوني والسوداني محمد الحاج ..
ما يهمني على المستوى الإنساني هو وفي المقام الأول ، مصير هذا الصحفي المنتفض من رماد المحطبة العراقية ، فالمبكي المبكي في هذه الواقعة بقضها وقضيضها ، هو أن الضرب قد جاء من زملائه الصحفيين العراقيين ، و أزعم أن حرس الرئيس الأميركي لا العراقي ، هم من كانوا يقومون بتخليصه من بين الأيدي العراقية (!) ما أرجو أن أكون مخطئاً في رصده بل وكاذباً أيضاً (!) لولا أنه الجدال السيزيفي بين التوكيد المطلق وبين الرجاء المستحيل !
ومهما يكن من أمر هذه المقاربة الترفية بغير مقياس ، فإن مقاربة أخرى مع المشهد آنفاً تستوي المستحيل نفسه ، فالمؤتمر الصحفي للمالكي مع بوش لكن في الولايات المتحدة ، والذي وقفت فيه ناشطة أميركية تعمل في منظمة أهلية تعنى بالسلام ، مطالبة المالكي بالسكوت والخروج ولا أعلم أقصدت الخروج من القاعة أم من أميركا أم من الموقعين معاً ؟، فكل الذي قامت به الجهة المعنية بتنظيم المؤتمر الصحفي أكانت أمنية أو إدارية ، أنها عملت على مرافقة هذه المواطنة الأميركية إلى خارج القاعة بكل توقير واحترام ، بينما شاهدنا مبتدأ تجليات الديمقراطية العراقية مع الزميل الزيدي (!) ويعلم الله وحده خبرها الدراماتيكي ، لدى مكتب مستشار الأمن القومي بأمر من المندوب السامي الأميركي !
حذاء الزيدي .. خلوصاً ، لم ينل من وجه الرئيس المنصرم بوش الابن ، تماماً مثلما لم تنل أحذية عراقية كثيرة ، كانت تمر على صورة والده بوش الأب على مدخل فندق الشيراتون في بغداد العروبة ، لكن الحظوة التي سينالها حذاء منتظر وقد يدفع حياته ثمناً لها ، لن ينالها حذاء آخر منذ الطنبوري وحُنين – على اعتبار أن خُفيه يشكلان حذاءاً في النهاية !، مروراً بحذاء الرئيس السوفيتي الراحل نيكيتا خروتشوف ، الذي ضرب به الطاولة أمام عدسات الميديا المختلفة مهدداً آنذاك سيد واشنطن !!!]
Abudalhoum_m@yahoo.com