هل نكث الإنجليز حقا بوعودهم للثورة؟
م. أشرف غسان مقطش
09-06-2017 04:47 PM
كنت أقرأ في أحد الكتب قصة المقابلة الأولى بين الأمير فيصل ابن الشريف حسين بن علي والقائد العام الانجليزي السير أدموند اللنبي في فندق فيكتوريا بدمشق في الثالث من تشرين أول عام 1918، وذلك بعد "تحرير" دمشق من "الاحتلال العثماني".
اللنبي يقول للأمير فيصل أنه -أي فيصل- سيتولى حكم سوريا بالنيابة عن والده الشريف حسين تحت حماية فرنسا وبإشرافها ودعمها المالي، وان ذلك سيشمل سوريا الداخلية فقط ولا علاقة له بلبنان وفلسطين!
فقال له فيصل انه لا يعترف لفرنسا بأي شأن وانه على استعداد لتلقي المساعدة البريطانية دون سواها، ولن يقبل ببلد لا منفذ له على البحر.
فالتفت اللنبي الى لورنس الذي كان مترجما بينهما وسأله: ألم تخبره بأن سوريا ستكون تحت وصاية فرنسا؟
فأجاب لورنس: لا يا سيدي كنت أجهل ذلك!
فقال له اللنبي: لكنك كنت تعلم علم اليقين بأنه لن يكون فيصل علاقة بلبنان!
فقال له لورنس: لا يا سيدي كنت أجهل ذلك أيضا!
وهنا انتابتني الحيرة فيمن يكون الصادق بين هذين الثعلبين الانجليزيين: لورنس أم اللنبي؟ فإذا كان لورنس صادقا فإن من يقول بأن الإنجليز نكثوا بوعودهم للشريف حسين عبر مراسلات الحسين-مكماهون يكون مصيبا في وجهة نظره هذه. وأما إذا كان اللنبي صادقا، فإن من يقول بوفاء الإنجليز لوعودهم للشريف حسين يكون مصيبا في وجهة نظره، فأين كان التاريخ الحقيقي لهذا الحدث يسير؟ في أي مسار؟ مسار لورنس؟ أم مسار اللنبي؟
لنقرأ الرواية التالية التي يرويها كتاب عنوانه: "T.E. Lawrence" لمؤلفه ستيوارت، ص216، طبعة عام 1977:
"ويروي أحد الذين حضروا المقابلة أن لورنس رفض قبول الوسام من الملك مبررا بأنه قد ارتبط بعهد مع فيصل بينما هو يرى الحكومة البريطانية الآن على وشك التخلي عن العرب حسب اتفاقية سايكس بيكو".
لورنس هنا يرفض استلام وسام تقديرا "لأعماله الباهرة في الثورة العربية الكبرى" من ملك بريطانيا العظمى جورج الخامس! وقد كان ذلك في الثلاثين من تشرين أول عام 1918.
وسبب الرفض وفقا للرواية أعلاه واضح بلا شك!
لست أدري إن كانت الرواية أعلاه صحيحة ام لا لكنني أميل إلى تصديقها لأنني لم أجد حتى الأن مصدرا أو مرجعا يذكر ما يخالفها!
وبناء عليه، أستطيع القول جازما، وبكل موضوعية وحيادية، أن الإنجليز نكثوا بوعودهم للشريف حسين.