المعضلة ليست تكسي أوبر او كريم .. القادم أكبر
صالح سليم حموري
09-06-2017 04:09 PM
الابتكار الجذري الناتج عن تطبيقات الهواتف النقالة أصبح يهيمن على الكثير من الاسواق، وبدأ في تغيير الكثير من قواعد العمل التي كانت سائدة لفترة طويلة، فاذ تحدثنا عن شركة أوبر العالمية، التي وصل عدد سائقيها اليوم إلى أكثر من مليون ونصف المليون سائق، وتشمل عملياتها 450 مدينة في 766 دولة، وقيمة الشركة أصبحت تتعدى 63 مليار دولار، وأصبح نموذج عمل الشركة مثالًا نسخته العديد من الشركات حول العالم. وأعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن دخوله في شراكة معها عبر شراء حصة تقدر بقيمة 3.5 مليار دولار لتصبح المملكة العربية السعودية من أكبر المساهمين فيها. واختارت «أوبر» أن تعمل في دبي من خلال منصة مسرعات دبي المستقبل، ليس للموافقة على تطبيق التكسي فلقد تعدوا هذه المرحلة بل يعملون على دراسة تسيير الطائرات عن طريق تقنية الإقلاع والهبوط العمودية، وهذا يبين رؤية بعض المدن على تخطي الحدود والتفكير بالمستقبل.»
"أوبر" و"كريم" للنقل و "أر بي أند بي" للغرف... وغيرها الكثير من التطبيقات تندرج تحت مفهوم "الاقتصاد التشاركي"، والذي ظهر في السنوات الأخيرة في ظل الركود الاقتصادي المتزامن مع التطور التكنولوجي المذهل، إلى جانب المخاوف البيئية المتصاعدة، حيث أصبحت الحاجة إليه ملحة وضرورية. فاقتصاد المشاركة علاقة نفع تبادلية بين طرفين أو أكثر بحيث يستفيد كل طرف من ممتلكات الآخر. مثلاً: قد تجد أن استئجار مثقاب كهربائي من جارك لإجراء بعض الأعمال الديكورية في منزلك أفضل بكثير من شراء واحد لن تستخدمه مرة أخرى، فتوفر بذلك تكلفة شرائه الباهظة ومساحته التخزينية، بينما يحصل جارك (مالك المثقاب) على مبلغ من المال مقابل تأجيره. ولا يقتصر اقتصاد المشاركة على الأفراد، وإنما تلجأ إليه بعض المؤسسات أيضًا. فنجد، مثلاً، شركة تطرح المكاتب غير المستخدمة لديها للإيجار، فتعرضها على الإنترنت مع صور للمكاتب وأوصافها وأسعارها. ويمكن أن تتم عمليات المشاركة من خلال مواقع وساطة عبر الإنترنت، وتفيد هذه المواقع في تحقيق الثقة والمصداقية، وتجنب عمليات الاحتيال، وتعرض التقييمات والتعليقات، وأيضًا تجري عمليات الدفع من خلالها. في واقع الأمر لا يعد اقتصاد المشاركة اتجاهًا جديدًا، فهو عادة توارثتها الأجيال، ثم تضاءلت بمرور الوقت. بيد أن التطور المذهل والسريع في الوسائل التكنولوجيـة التي تعتمد عليها الأجيال الجديدة – وبوجه خاص تطبيقات الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي – ساهم في إعادة إحياء هذه الفكرة وتفعيلها على نحو أوسع، لا سيما أنها تصلح للتطبيق في أوقات الركود، وفي أوقات الازدهار.
وفي ذلك، يقول نوربرت فينكلجوهان عضو مجلس ادارة مؤسسة برايس ووتر هاوس "إن الاقتصاد التشاركي هو نتيجة الاصطدام ما بين الطفرات التكنولوجية وندرة الموارد، بالإضافة إلى التحول السريع نحو الحضارة، والتحولات الديموغرافية. وتعمل تلك التوجهات الكبيرة المتصادمة على تشكيل نماذج جديدة للمشروعات التجارية من شأنها تأكيد إمكانية الحصول على المنتجات والخدمات عن طريق امتلاكها كلياً."
وقد وصلت أرباح سوق قطاع الاقتصاد التشاركي العام الماضي إلى أكثر من 20 مليار دولار، وتتوقع مجلة الإيكونوميست أن يحقّق هذا القطاع أرباحًا قدرها 335 مليار دولار بحلول العام 2025، ويشار إلى الاقتصاد التشاركي أحياناً باسم (P2P)(من الند للند) دون وساطة، ويُعتبر انفصالًا عن النظام الرأسمالي التقليدي الذي يرتكز على الملكية الفردية.
وفي محاضرة للأستاذة أليشيا بولر في مؤتمر القمة الحكومية بعام 2016 قالت المتحدثة أن شركة "أوبر"، الذي تم إطلاقها في سان فرانسيسكو عام 2009 أطلقت العنان لمفهوم الاقتصاد التشاركي أو التعاوني بشكل متسارع لتنفيذ المشروعات التجارية، وإعادة تشكيل توقعات المستخدمين في مختلف أنحاء العالم، ومن بينها الشرق الأوسط، وبحسب الشريك المؤسس لـشركة "كريم" والتي تقدم نفس خدمات شركة "أوبر" في المنطقة العربية، حظي "كريم" الذي أطلق في دبي باستثمارات تقدر بقيمة 72 مليون دولار منذ إطلاقه عام 2012، وتستمر تلك الاستثمارات في النمو بنسبة 50 – 60 في المائة على أساس شهري.
أن التنقل الذكي عن طريق التطبيقات يوفر حلولًا موحدة ومتكاملة لمساعدة الأشخاص على الانتقال من مكان إلى آخر على نحو أكثر فعالية، وأنسب سعرًا وبحسب الطلب. ببساطة، تساعد هذه التطبيقات الأشخاص في الحصول على وسيلة تنقل بكبسة زر، فهي أنسب وسيلة للحصول على وسيلة آمنة، وموثوقة وملائمة من حيث السعر. فالتطبيق يحدد مكانك، ويخبرك بمعلومات عن السائق قبل وصوله ويتيح لك مشاركة المسار الذي تسلكه مع الأهل والأصدقاء.
....... وأخيراً
وللعلم الاعبين الكبار بهذا النوع من الاعمال هم من جيل الألفية من مواليد(1980-2000) يعني مش من الكبار، فلديهم روح المغامرة والرشاقة ويواصلون الليل بالنهار في تطوير تطبيقاتهم ويقبلون التحدي.
هناك مجموعة كبيرة من الحكومات الريادية استوعبتهم، لا بل اقامت شراكات معهم، وهناك حكومات تقليدية ما زالت تحاربهم، للعلم قواعد اللعبة على مستوى العالم تغيرت وهناك الكثير من المفاهيم في الادارة الحكومية بحاجة الى تحسين لا بل الى اعادة اختراع، فالقادم مليء بالابتكارات وليست التحسينية فقط، بل بالابتكارات الجذرية او بالمعنى الاصح الابتكارات التخريبية لكثير من القواعد والسياسات التي لا تصلح للقرن الواحد والعشرين.
* الكاتب من مؤلفي كتاب استشراف المستقبل وصناعته.
hammouri67@gmail.com