بين مناسبه واخرى الاطف اصدقائي النوابلسه واقول لهم بانه يكفينا لكي نحب نابلس لو انها قدمت لنا الكنافة فقط، فكيف الحال وهي التي تقدم لنا اهلاً كراماً، وعلماً، وفكراً، واقتصاداً، وسياسة. وتبقى للكنافة على اي حال حظوتها الخاصة، نذكرها بحد ذاتها، فنذكر نابلس واهلها معها، وقد اصبحت الكنافة عنوان افراحنا التي لا تكتمل الا بها. وهو حظ لنابلس خصت به واستحقته عن طيب ومحبه. وليس هذا بالكثير عليها، فبوجود الكنافة تكون نابلس واهلها الشريك الحاضر دائماً في الفرح الفلسطيني الاردني الذي نرجو ان لا يغيب .
للكرك وجميدها حظوة لا تكاد تختلف في دلالاتها عن نابلس وكنافتها. فالجميد هبة الخير الالهي المبشر بكرم الطبيعة. وحيث يكون الكرم يزهو بالجميد، ويصير عنواناً للكرم. وعند الاردنيين يقترن الجميد الافضل باسم الكرك، حتى لمن هو حوراني الهوى والجميد من امثالي، فيقترب من المنسف وهو يمني النفس ان يكون الجميد كركياً. وللجميد عند الكركية حضور خاص على موائد اخرى لا تنتشي معانيه ومراميه الا بين اهل الكرك وفي بيوتهم العامرة. وللكركية قبل كرمهم وجميدهم فضل ظاهر في حياة الاردن السياسية والاقتصادية والثقافية كحال باقي اخوانهم في مختلف مواقعهم في بلدنا الحبيب .
السمن البلقاوي هو السمن البلدي كما يسمى في بوادي وقرى وبلدات الاردن التي تنتج السمن. لكل منها سمنها وتسميه بالسمن البلدي واحياناً الاصلي تمييزاً له عن المصنع. وحدهم البلقاويون كانوا الاكثر احتفاءً بسمنهم حتى شرفوه باسمهم دون اي منطقة اخرى. لم يماثلهم او يسبقهم او يلحقهم بذلك منتجو السمن في باقي مناطق المملكة. واصبحت كلمة " بلقاوي " اسماً تجارياً لسمن البلقا ( Brand Name ) . البلقا وحاضرتها السلط كانت منارة علم ولمدرسة السلط فضل في تخريج شخصيات أردنية بارزه اثرت الحياة العامة. ولعشائر البلقا دور متقدم في تأسيس المملكة وآخر لا يقل عنه يمثل حضوراً اجتماعياً معززاً للوحدة الوطنية .
صديق بلقاوي يسألني مازحاً كلما التقينا في المناسبات التي يلتقي فيها الجميد والسمن وتختمها الكنافة (يا اخي انتو شو في عندكو في الشمال؟ الجنوب عندهم الجميد الكركي والوسط عندهم السمن البلقاوي والكنافة من نابلس). واجيبه مازحاً أنتم العزوة في الامن الغذائي ونحن واياكم العزوة في الفزعة للوطن .
الجميد الكركي والسمن البلقاوي جوامع أردنية غذائية واجتماعيه وسياسيه ووطنيه، والمنسف حاضن هذه الجوامع وموحدها في ملتقيات مناسباتنا واحتفالاتنا. والكنافة النابلسية رفيقة المنسف جامعاً آخر بتربعها عنواناً لأفراحنا التي نتمنى ان تدوم. ادام الله بركته على الاردن وطناً وشعباً وقيادة وابقاه مطمئناً سالما.