اولويات طهبوب و دورها البرلماني
احمد عبد الحق
08-06-2017 04:17 PM
اذا كانت الحاجة ديما طهبوب قد انتُخبت، عدلاً و نزاهة ، عضواً في البرلمان فمن حقها الترويج لبرنامجها السياسي و العمل على ايصاله الى مرحلة التشريع و من ثم تفعيله كقوانين و انظمة ملزمة. و اذا تغاضينا ، آنياً ، عن مسألة العدل و النزاهة في انتخاباتنا الاخيرة ، فيمكن الاتفاق على ان طهبوب تُمثّل شريحة من الناس تمثيلاً يمنحها الحق في لعب الدور المناط بها كنائب منتخب .
لون طهبوب السياسي ليس سرا، و برنامجها في معظمه معلن ، و بالتالي يغدو من المنطقي الوصول الى ما مفاده ان هدفها ، وهدف جماعتها ، الاستراتيجي هو الوصول الى اقامة دولة اسلامية ينحصر التشريع فيها بكتاب الله و سُنة رسوله.
لا يمكن التشكيك بهذا الافتراض ، و لا يمكن لمن يحمل فكر طهبوب ان يدّعي ان هدفه لا يتضمن التطبيق الكلي ، و لو بعد حين ، للشريعة الاسلامية .
من هذا الباب ، و على ضوء موقعها الايديولوجي ، يمكن قراءة دعوة الحاجة طهبوب الى " تعزير" من افطر في رمضان ، و لكن ما لا يمكن فهمه هو عجزها ، و هي برلمانية راشدة ، عن التمييز ما بين التشريع و القانون من جهة و بين الايديولوجيا و الهوى السياسي من جهة اخرى . فالقوننة ، المستندة الى تشريع برلماني ، هي الاصل . و لا يمكن للنائب طهبوب ، و لا لغيرها ، المطالبة باجراءات لا ينص عليها القانون.
تؤمن السيدة الفاضلة ان عقوبة السارق ، غير المحتاج ، ان ثبُتت سرقته بالبينة الشرعية ، هي قطع يده اليمنى من الرسغ
" " وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
سورة المائدة
و تؤمن كذلك ان عقوبة الزّانية غير المتزوجة هي ان تُجلد ، على رؤوس الاشهاد ، مائة جلدة " الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " سورة النور
و تؤمن كذلك ان عقوبة الزّانية المُحصّنة ، اذا اعترفت بفعلتها ، هي الرجم بالحجارة حتى الموت .
ان شاءت الحاجة طهبوب ان تطبق الشريعة الاسلامية ، كقطع يد السارق مثلا ، فلتعمل على تشريع العقوبة في مجلس النواب . و ان شاءت للزانية ان تجلد او ترجم حتى الموت فلتفعل ذلك عبر البرلمان. بخلاف ذلك تتجاوز دورها و تتحول الى مدغدغة لعواطف الناس و قلوبهم لا اكثر.
قد تفشل محاولتها في مجلس النواب ، و لكن يجب عليها ان تكون منسجمة مع نفسها و مع فكرها . عليها المحاولة على الاقل ، و لا ينبغي ان تخشى سخرية الناس .
اما الايمان بالعملية السياسية عبر صناديق الاقتراع و الاحتكام لقوانينها و انيابها و زهرها و شوكها ، او الاستنكاف ، او النزول تحت الارض.
قد يقول قائل .... " نعم.. نريد تطبيق الشريعة في ظل دولة الخلافة ، و لا نريد تطبيقها قبل ان يسود العدلُ سيادةً تجعل السرقة معدومة او نادرة الحدوث ، و قبل ان يسكن العفاف نفوس المؤمنين و المؤمنات و تغمر الطهارة قلوبهم فيصبح الزنى شائناً لا يُعرف "
فلماذا ، اذن ، تدعو الحاجة طهبوب ، الآن ، الى " تعزير" من افطر في رمضان ؟ و لماذا لا تنتظر اقامة دولة الخلافة حتى تطالب بما تطالب به ؟ ام ان اقامة الحد على المفطر مسألة سهلة " يُستوطى " فيها حيط عباد الله ؟ و هل نختار ما يحلو لنا من الصغائر و الكبائر ، فنأخد البعض و نترك البعض ، لتطبيق حد الله وفقا لوصفة شيوخ السلاطين ؟ .
و قد يتسائل متسائل .... أتلكُم هي اولويات الحاجة طهبوب و جماعة الحاجة طهبوب ؟
يبدو ان الاولوية هي لقطع دابر الفساد في سفور النساء و غي الرجال ؟ فنساؤنا ، المسلمات الاردنيات ، يتبخترن بملابس البحر على شاطيء البحر الميت و شواطيء العقبة. و رجالنا يتسكعون في المولات التجارية بشورتات تكشف جزءا من ما فوق الركبة في مخالفة صريحة لضروروة ستر العورة. و بناتنا يظهرن على شاشات التلفزيون متبرّجات ومتزينات يستعرضن اجسادهن في تمارين رياضية ادخلها الغرب الكافر الى بلادنا
على سُلّم الاولويات ، كما يبدو ، تتراجع مسألة الاطعمة الفاسدة ، و القتل الثأري ، و حوادث المرور، و سرقات المناقصات و عمولات المتاجرين بقوت الناس و صحتهم .
على سلم الاولويات لا مكان لمحاربة نحر الرقاب و سبي النساء و خصي الرجال ، فهذه مسائل لا قيمة لها اذا ما قورنت بافطار رمضان ، او دعاء دخول الحمام او نكاح الجن.
*عبد الحق طبيب و اكاديمي اردني مقيم في ايرلندا.