جزء مما يجري بين قطر ودول خليجية وعربية يتعلق بخلافات حول الاداء القطري في التعامل مع هذه الدول وتدخلها في شؤن دول عديدة وملفات وتنظيمات، لكن الأهم هو ما ستتركه هذه الازمة على ملفات كبرى وهامة مثل الملف السوري والفلسطيني وادوار دول اقليمية مثل تركيا.
فقطر خلال عقدين من الزمان أقامت علاقات احتواء ودعم واستضافة للتيار الاسلامي الاخواني وايضا حركة حماس، وكان هذا غطاء لدور كانت تقبله الدول الكبرى وإسرائيل وهو محاولة تجسير العلاقة بين الاخوان وحماس والمجتمع الدولي وشروطه، وكانت قطر ناجحة في تطويع الاخوان في فترة الربيع العربي للدخول في صفقة حكم مصر مقابل القبول بالشروط ومنها تحييد شعار تطبيق الشريعة والقبول باستمرار العلاقة مع اسرائيل تحت حكم الجماعة، وكان اخر إنجازات قطر الوثيقة السياسية لحماس التي كانت بمثابة رسالة حسن نوايا من حماس تجاه عملية السلام.
لكن يبدو ان هذا الدور لم يعد مطلوبا ، فالإخوان المسلمين لم يعودوا خيارا لأحد ، ولا حاجة لأي عمليه احتواء ، وحماس مطلوب ان تقوم هي بتقديم الاثمان دون دلال او احتواء لأن الخيار الاخر قد لا تستطيع احتماله ،ولهذا لم يعد الدور القطري في هذا الملف مطلوبا .
وفِي الملف السوري فان دعم قطر وسيطرتها على حركة النصرة وتنظيمات مسلحة اخرى داخل سوريا كان سابقا يخدم ما هو مطلوب في الازمة السورية وهو ادامة الازمة واستمرارها ، لكن اي ذهاب الى حل اليوم يستدعي تفكيك او اضعاف التنظيمات التي لم تدخل مفاوضات استانا ، وبالتالي فان تغيير قطر لمعادلاتها داخل سوريا وتوقيف الامداد عن هذه التنظيمات هو المطلوب وليس العكس .
هي تغييرات في مسارات ملفات المنطقة تستدعي ان يتم تغيير سياسات بعض الدول الفاعلة او التي تم منحها ادوارا في مراحل ماضية ، وستكون المرحلة القادمة بلاعبين وأوزان وأولويات مختلفة .
اما القضايا الثنائية بين قطر وجيرانها ومحيطها فإنها حاضرة في هذه الازمة ،وتغير معادلة الإقليم فرصه لتصفية أدوات قطر في التأثير على جيرانها ومحيطها وبخاصة السلاح الإعلامي الذي أعطى لقطر مكانة ونفوذا اكبر مما قدمته السياسة القطرية وحتى اموالها .
قطر الجديدة دولة عليها ان تدرك معادلة المرحلة القادمة، وان تدرك ان ما كان لديها من أدوات ونفوذ لم يعد ممكنا ان يستمر، وكما استفادت من حلفائها الكبار في واشنطن وتل ابيب في عقدين مضيا فان عليها ان تكون في ثوب المعادلة الجديدة .