فقط في بلدنا ، يتم شتم كل شيء ، والتشكيك بكل قرار تصدره الحكومة ، ولربما لو تعلق القرار بسياسات محلية ومعيشية ، لقلنا ذاك حق للمواطن أن ينتقد ما يشاء ، أما أن نصبح بين ليلة وضحاها نسبح بحمد دول أخرى التي ما فتئت تعادي الأردن ، وتحيك المؤامرات ، ولم تقدم فلسا واحدا دعما للأردن فذاك لعمري عجبا عجاب .
فقط مطلوب من بلدنا ، أن نعادي أمريكا ونحارب إسرائيل ، ونقاتل مع نظام الأسد ، ونقضي على داعش والإرهاب ، ونصادق العراق وإيران ونصفق لتركيا ، ونصطف مع كل دولة عربية تختلق صراعا مع جارتها .
كل ذلك مطلوب من الأردن وحده في منطقة معقدة سياسيا وغير مستقرة تاريخيا ولا جغرافيا منذ مئات السنين ، ويغيب عن الناس وذاكرتهم أن مصالح الدول تتغير ، ومع ذلك إستطاع الأردن أن يحافظ على توازن معقول في علاقاته الخارجية ، وفي ظل ضغط إقتصادي يعصف بالأردن ويضعه تحت حسابات المراهنة .
لمن تخونه الذاكرة ، الأردن لم يتوانى عن العرب يوما ، لم يغب عن مؤتمر قمة، ولم يعرف الحرد السياسي في تاريخه ، والأردن أول من قاطع مصر عندما ذهبت وحيدة إلى كامب ديفيد عام ١٩٧٩ ، وأول من إصطف مع العراق في حربه مع إيران عام ١٩٨٠ ، وأول من كسر مقاطعة العرب لمصر وأرجعها للحاضرة العربية عام ١٩٨٩، وأول من كسر الحصار على بغداد وزارها أول رئيس وزراء عربي وهو علي أبو الراغب عام ٢٠٠٠، والأردن أول من جمع أطراف الصراع في اليمن في أرضه ١٩٩٤ ، والأردن أول من فزع للكويت عام ١٩٦١، وأول من إحتوى قادة حماس على أرضه ، والأردن لم يخذل جيرانه العرب يوما ، هو الأقرب لفلسطين وسوريا وقاتل على أراضيها ، وسالت دماء جيشه العربي في مكة المكرمة وظفار في عُمان .
هذا هو الأردن صاحب الخلق الوعر ، يجب أن نقف معه ومع مصالحه ومع قرارت الدولة الأردنية ، لا أن يشتم على مواقع التواصل الإجتماعي ، فالغريب أن يقوم البعض بالمدح والتصفيق لكل الدول الأخرى ويتنكر لبلده ، الأردن صغير بمساحاته ولكن كبير بتاريخه وقدرات أبناءه ، الأردن الذي فتح أراضيه لكل المهاجرين واللاجئين العرب رغم ضيق اليد .
فإن ظُلمَ الأردن بالجغرافيا ونكران التاريخ له ، فإن أشد الظلم أن يتنكر له أبناءه ، فالوطن كالأب لا يكسر ظهره إلا أبنائه .
حمى الله الوطن من شرّ اللايذات