التطورات المتسارعة في الأزمة السعودية القطرية والتداعيات المتسارعة في التصعيد والتصريحات وقطع العلاقات الدبلوماسية كل تلك الأمور تنبئ بمزيد من احتمالات المواجهة والاستقطاب وتضع تحديات هائلة أمام وحدة الصف الخليجي وتهز كيان مجلس التعاون الخليجي ذلك الكيان الذي يعتبر أفضل صيغة ناجحة للوحدة العربية ضمن الظروف المتاحة.
في الوقت الذي يتأثر فيه الأردن بكل ما يحدث من تطورات إيجابية أو سلبية على الصعيد القطري والعربي ، فإن تداعيات الأزمة السعودية القطرية والتي تفاقمت لتصبح أزمة خليجية مصرية قطرية ، هذه الأزمة تترك ظلالها على هذا البلد الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع معظم الأطراف الخليجية محور النزاع. إن الضغوط التي يتعرض لها الأردن للانضمام لأحد أطراف النزاع الخليجي كبيرة وتكاد تضع هذا البلد أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما وهما إما الانضمام للمعسكر السعودي ومؤيديه أو البقاء على الحياد وفي حالة اختيار البديل الثاني فإن ثمة احتمالات بنقص الدعم المادي السعودي للأردن ، وخسارة بعض الامتيازات المتصلة بسوق العمل وتصدير المنتجات الأردنية للسعودية.
والحقيقة أننا نرى بأنه من الأفضل للأردن أن لا يخضع للضغوط وأن يستثمر في بديل آخر ربما هو الأكثر نفعا وجدوى على الصعيدين الأردني والخليجي .هذا البديل يتمثل باستثمار الأردن وقيادته القريبة من معظم الدول الخليجية أن تستثمر في هذه العلاقة والقبول لدى كافة الأطراف بالتوسط في نزع فتيل الأزمة تمهيدا لحلها والتعامل مع أسباب حدوثها.
نعم الأردن مؤهل للنهوض بدور الوساطة بين الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي حيث يرتبط بعلاقات محترمه مع قيادات هذه الدول ونعتقد بأن الأولوية الأولى يمكن أن تكون في وقف التصعيد الكبير وتوالي الأحداث والإجراءات السلبية التي يمكن أن تتطور إلى حالة مواجهات عسكرية لا سمح الله ربما تؤذي ليس فقط السعودية وقطر ولكنها يمكن أن يكون لها تداعيات وامتدادات داخل المنظومة الخليجية وعلى المستوى العربي.
إن ما تشهده المنطقة من أحداث جسام ومن مخططات للنيل من وحدة دول عربية مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا ، ناهيك عن التحديات الضخمة التي تواجهها الدول العربية في موضوع الإرهاب ، والاستنزافات المريعة لمقدرات الدول العربية تحت ذريعة مقاومة الإرهاب والإرهابيين ،كل ذلك يزيد من خطورة وانعكاسات النزاع الخليجي الخليجي ويضعف من قدرات هذه الدول على مواجهة الأطماع الأمريكية فيما تبقى من ثروات الخليج والتي لم يعد الرئيس الأمريكي يخفي تدفق لعابه على مقدرات هذه الدول وإمكاناتها.
ليس للأردن أي مصلحة للتحيز مع أي طرف من أطراف النزاع ، لا بل فإن مصالح هذا البلد مرتبطة مع كافة دول الخليج وبالتأكيد هذا المصالح لا تقتصر على الجوانب المادية والاقتصادية ولكنها تتجاوزها لأطر وتوازنات سياسية وإقليمية ودولية. نعتقد أن القيادة الأردنية لن تتجاوب مع الضغوط الآنية والتجاذبات الخليجية والعربية للانخراط في الأزمة الخليجية وإنها ربما تتوجه للولوج في مساعي إصلاحية من شانها حل الأزمة أو الحد من تفاقمها وانتشارها على الأقل. الأردن ببعديه الإسلامي والعربي وصلاته مع القيادات الخليجية مؤهل للعب هذا الدور المحترم والمقدر والذي ينسجم مع قول رب العزة جل في علاه " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقو الله لعلكم ترحمون".