قالَ: السماءُ كئيبةٌ ! وتجهما.... قلتُ: ابتسمْ يكفي التجهم في السما !

عبوس إلى عبوس إلى عبوس....تذمر...عدم الرضى...تأنيب الضمير...مجموعة تكوين الإنسان، مجموعة من العواطف البائسة اليائسة التي لا معنى لها إلا نهاية فاشلة....خاسرة ...إنسان جحود....رغم كل النعم إلا أنه محبط...لماذا؟ فعلاً لماذا؟

لأنه نسي النعم كلها ووقف عند عثرة واحدة في حياته...لآنه نسي كل المناطق الجميلة ونظر إلى المنطقة 
السيئة...لأنه نسي كل الكلمات الجميلة ووقف عند أول كلمة سيئة وجهت له...لأنه نسي كل العطايا الإلهية وتذكر تلك العطية التي طلبها ولم تحقق بعد....

أرأيتم من هو الانسان....جحود بطبعه....عجول....يولد ليسعى للمشي وإذا مشى سعى بسرعة للأكل وترك الحليب...وإذا دخل المدرسة سعى لإكمالها بأسرع وقت..وإذا دخل الجامعة سعى لإنهائها بأقل السنوات...وإذا نضج أسرع للزواج،،، وإذا تأخر بالإنجاب أسرع للعلاج متخوفا..........وهكذا حتى يموت وهو على عجلة من أمره ( ولم يستمتع بأي من مراحل حياته)..ومع كل ما وصل له أيضاً لم يرض به مع أنه لو نظر إلى غيره لوجد حياته حياة الملوك بالنعيم، كم من مريض يعاني وتراه يبتسم ولم يعلم عن مرضه أحد، وكم من أسرة مدمرة من داخلها، وتحسدهم، ولم يظهروا سوى الابتسامة والأمل، وكم من فقير بات على جوع، ولم يعلم أحد أن ثلاجته لا تحتوي سوى تبريد جوانبها، البيوت أسرار والناس صناديق يحمل كل داخله ما يهد الجبال، فلا تقارن نفسك بأحد، ولا تسع لتصل لمكانة أحد فلو عرف الله فيها خير لك لأوصلك لها، تأدب أيها الإنسان أمام ما لديك من النعم، وأكثر من الحمد لا من النقم، فكم من نعمة زالت من صاحبها بزلة لسان وكلمة لم يلق لها بالاً، لا تعجل فتقع بالزلل، وانظر إلى خطواتها واستمتع بها وبشكلها على الرمال، وانظر إلى السماء لتعلم أن فيها من خلقك وهو يحبك لأنه أقرب إليك من حبل الوريد.....وإذا حرمت نعمة فأول شيء هو أن تنظر لنفسك ولتقصيرها ثم اطلب، ففي الدنيا إذا قصرت بوظيفتك لا تستطيع أن تطلب مكافأة من مديرك، فكيف إذا لم تتأدب مع خالقك وتقصر بحقه فكيف تتجرأ أن تعاتب ربك لأنه لم يعطك...ومع ذلك تذكر أنه أعطاك الكثير رغم تقصيرك، ليس لأنك تستحق بل لأنه اكرم منك.

وتذكر أن كثرة العجلة والتخبط في هذا العالم توقعك في كثير من حفر الوحل فتأنَّ.