اشتهر العرب القدامى بتسمية سنواتهم العجاف تبعاً للحوادث العظمى والكوارث الطامة التي كانت تلمّ بهم، فسمّوا عام الفيل وعام الرمادة وعام الطاعون الجارف..ثم جاء العرب الأحفاد وسمّوا سنواتهم بحوادث تباينت بين الخير والشر سنة الثلجة الكبيرة، سنة الثلجة الوسطى ، سنة الجراد ،سنة أبو مُزراق..هذه العام يستحق ان يطلق عليه «عام الجاج»..أو «عام الفساد» فلا فرق بين التسميتين ما دامت الثانية تودي بالأولى إلى أفواه الفقراء..
بعد ضبط 70طنا من الدجاج الفاسد المخزّن بالجنوب والذي كان ينوي صاحب المستودع أن يوزّعه على الفقراء والمساكين لأنهم «حاويات الوطن» التي لا تمرض ولا تئن ولا تشكو حتى يخفّضها من ضريبة أرباحه.. ضبط في مأدبا ألاف من طيور الدجاج النافق والآخر المريض «بتروجح» في أحد الأحياء ، كما ضبطت سيارة تقوم بتوزيع الدجاج الموبوء الذي يعيش آخر أنفاسه في الزرقاء قاصدة الجمعيات الخيرية والمنتفعين من الفقراء والغلابى..
هل بقي بشاعة أكثر منها بشاعة، يعزّ على التاجر الغول أن يتلف بضاعته منتهية الصلاحية والمتعفّنة فيقرر توزيعها على الأسر العفيفة تقرّباً الى الله بالشهر الفضيل وتقرّباً أكثر إلى دائرة الضريبة ليظهر خسارته الدفترية مشفوعة بأعمال البر والتقوى.. ركبت الحكومات ظهر الشعب فقرر التجار أن يحوّلوه الى كابسات نفايات ، لو كان هناك أي خوف أو شعور بالمسؤولية لما تجرّا على مثل هذا العمل هؤلاء الغيلان الذين يطعموننا زبالة العالم منذ عشرات السنوات وكتبنا عنهم عشرات المرّات ولم تتخذ خطوة واحدة بحقّهم لأنهم مدعومون ومدّعمون ومحميون من أصحاب النفوذ بالإضافة الى نواب يقبضون ويدافعون عنهم ويمشون مصالح هؤلاء لأن هؤلاء يقبضون ويمشّون ويوجهون القواعد الانتخابية اليهم فثمة «بزنس» مشترك سيردون الجميل بجميل آخر والخاسر من كل هذه الدوامة المواطن.
لقد غسلنا أيدينا من سلطات البعض في هذا الوطن، وبقي لدينا أمل بشرفاء السلك القضائي الذين لا يخضعون إلى واسطة أو ترغيب أو ابتزاز ، هذا الوطن أمانة بأعناقكم ، فقراء الوطن أمانة بأعناقكم ، أطفال هذا الوطن الذين جيء لهم بكل «ربش» العالم ليأكلوه أمانة بأعناقكم..لا تحابوا وأعرف أنكم لن تحابوا الأسماء الكبيرة ..فلا اسم اكبر من اسم الوطن في هذا الوطن...أتقبلون ما جرى ويجري! الفساد عم البرّ والبحر وحتى «الدجاج»!.
وغطيني يا كرمة العلي..
الرأي