كتبت إحدى الصديقات في صفحتها على "فيسبوك" ما يمكن وصفه بـ"فشة الخلق" مستاءة من تجربة شخصية مرّت بها، لكنها تفضح تمييزا بيّنا تعاني منه المرأة الأردنية، وظلما كبيرا واقعا عليها، وكله تحت مظلة القانون وغطائه.
سأنقل ما كتبت الصديقة حرفيا لأنه يعبر عن وجعها وشعورها بالظلم، كما ينتقص من مواطنتها، بينما يفترض أنها تتمتع بكامل الحقوق وتؤدي ما عليها من واجبات.
تقول صديقتي "مقهورة وزعلانة على حال المرأة الاردنية من القوانين المجحفة في حقها، والتي تهمشها كل يوم لأبسط المعاملات". وتضيف بأنها توجهت لأحد البنوك لسحب مبالغ مالية كانت ادخرتها من مالها الخاص لأولادها.
تكتب "المدخرات دفعتها لأولادي من أموالي وتعبي، قبل سنوات، وأنا عميلة للبنك منذ زمن والكل يعرفني في ذلك الفرع، وتفاجأت أنني لا أستطيع سحب المال أو حتى تحويله لحسابي، وأن من حق الأب فقط فعل ذلك".
وتزيد بأنها أم الأولاد وعميلة للبنك، وأنها ادخرت في الحساب من تعبها ومالها الخاص، و"زوجي ما عمره عتب باب هذا البنك"، متسائلة: ما دخل الوالد أو الزوج في الموضوع؟
وتقول اعتبروا أن "الزوج متبرئ من أولاده وزوجته، عايش في عالمه الخاص، مش موجود أصلا، أو مدمن ومش صاحي، صاحب أسبقيات ومسجون، الخ". ويزيد صوتها صراخا وألما وهي تقول: كيف يمكن للأم الأردنية أن تأخذ حقها وحق أولادها؟!!، مضيفة "مين صاحب هذه الفكرة الخارقة والقانون العفن؟".
معاناة الصديقة لا تتوقف عند هذه القصة بل تتعقد أكثر كونها متزوجة من غير أردني، وبالتالي يحمل أطفالها جنسية أخرى. وهنا ثمة طعم آخر للمرارة تبدأ حين يطلب منها البنك دفتر عائلة لإثبات أمومتها.
تقول إن الأنكى من ذلك أنهم "طلبوا دفتر العائلة لإثبات أنني الأم.. ومش عارفين إنّو دفتري العائلة زي المقطوع من شجرة ممنوع إضافة الأولاد لاختلاف جنسية الزوج. برضة لازم يكون عندي دفتر عائلة وأدفع كامل الرسوم للدولة".. كيف لا أدري!
الموقف السابق صراحة يعكس شكلين من أشكال الظلم الواقع على المرأة، والأول يشمل كل النساء باعتبارهن غير مسؤولات ولا مؤهلات لإدارة شؤون أبنائهن حتى ما صغر منها، وفي ذلك تكريس لنظرة نمطية وعقلية ذكورية ترى أن النساء قاصرات تماما كما في قصة حق المرأة في معالجة طفلها وإدخاله المستشفى باعتبارها ليست وليا للأمر.
والغريب أن قطاع البنوك بكل ما مر به من شخصيات تزعم نصرتها للنساء، لم يلتفت لهذا الإجحاف وهذا العيب، كما لم يكترث لهذا الشكل من التمييز والسعي لتعديله.
أما المظلومية الثانية، فترتبط بالغبن الواقع على المرأة التي تزوجت من غير أردني، وكذلك أولادها، فترى المعاناة متعددة الأوجه والإصرار على عدم منح أبناء الأردنيات الحد الأدنى من الحقوق جليّ، رغم أن حكومات كثيرة تاجرت بهذا الملف وادعت لنفسها منجزات فيه لم تر النور بعد.
صديقتي واحدة من ملايين النساء الأردنيات اللواتي يقع عليهن هذا الظلم الدائم، وما كتبته على جدار صفحتها ينطق بلسان كل النساء حين قالت: "وبعدين مع الشرشحة، يا جماعة، صرنا في عام 2017 مش معقول هيك قوانين متخلفة".
وتنهي "آسفة على البوست السلبي لأنه مش من عادتي بس طفح الكيل، وما حدا يقول كلنا متساوين في الحقوق والواجبات لأن الواجبات كسرت ظهرنا" كأردنيات!
الغد