«التدين الزائف» و «العودة للوثنية» !
رجا طلب
05-06-2017 01:57 AM
حاولت مرارا تحاشي الكتابة في هذا الموضوع الشائك والحساس لعلمي أن الكثير ممن سيقرأونه ، قد لا يلتقطون المغزى الحقيقي من وراء تسليط الضوء عليه ، ولربما يلبسونه لبوسا آخر يظهره على انه نوع من « الزندقة» أو « الكفر أو الإلحاد والعياذ بالله ، ولكني آثرت على نفسي أن اكتب فيه بغض النظر عن التقييمات « المتجنية» أو الجاهلة ، لان تخليص الإسلام من الخزعبلات والمعتقدات الدخيلة التي لا تمت له بصلة هي البداية نحو ثورة فكرية « تُطهر الدين الإسلامي من الرجس» وتنهي ظواهر التطرف والغلو التي شكلت وتشكل البنية الفكرية والعقيدية للتنظيمات التكفيرية كالقاعدة وداعش وغيرها.
ما دعاني لسوق هذه المقدمة هو ذلك الفيديو الذي صور في جمهورية الشيشان ويظهر فيه الرئيس الشيشاني رمضان قديروف وهو ينزل من طائرة ويحمل بين يديه صندوقا صغيرا قيل انه إناء شرب منه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وان هذا الإناء جيء به من احد متاحف لندن ، الرئيس قديروف قدم الإناء لرجال دين واعيان شيشان قاموا بتقبيل الصندوق الموجود به الإناء بمنتهى الخشوع والإيمان وكأنهم يقبلون القرآن ذاته.
لم ينته المشهد عند هذا الحد بل تبعه مشهد آخر أكثر غرابة ، حيث انطلق الرئيس ومعه الصندوق في موكب مهيب تتقدمه سيارة من ( نوع الرولز رايس ) الفاخرة والباهظة الثمن وتتبعه عشرات السيارة الفارهة والفخمة ، وكأنه موكب نُظم « لنبي من الأنبياء « لو كان احدهم بيننا الآن وليس لإناء شرب منه النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
المشهد أثار لدي مجموعة من الأسئلة أبرزها على الإطلاق هو: من قال أن هذا الإناء هو للنبي محمد صل الله عليه وسلم ؟ وكيف جرى التأكد من ذلك ووفق أي دلائل علمية حاسمة وقاطعة ؟
وحتى لو افترضنا صحة ذلك ، فمن قال أن هذا الإناء بات يملك هذه القدسية التي وصلت حد العبادة !!
إن مثل هذا السلوك يعيدنا إلى جوهر الوثنية وعبادة الأصنام تقربا من الله جل جلاله في زمن الجاهلية الأولى.
والسؤال الآخر ما هو هدف الرئيس قديروف المعروف بتبعيته للرئيس الروسي بوتين والذي يصفه الاعلام الغربي بـ «فتوة بوتين » الذي يتولى تصفية المعارضين الروسي والشيشان ، والمعروف بحياته الباذخة وبعده عن الدين والتدين ؟
هل كانت هذه المسرحية مجرد نوع من أنواع دغدغة مشاعر الشعب الشيشاني الطيب والمتدين بالفطرة ، للسكوت عن الفقر والفاقة التي يعيشها في ظل نظام قديروف القمعي والفاسد ؟
الم يكن من الأجدى لقديروف الذي بدا يجيد لعبة « التستر بالدين والمتاجرة به» ان يقوم بتوزيع كلف هذا الاستقبال الباذخ على فقراء الشيشان الذين تصل نسبتهم الى اكثر من 60 % من السكان البالغ عددهم مليون نسمة بمناسبة شهر رمضان المبارك.
لقد اختار قديروف الشهر الفضيل للقيام بهذه «الحركات» لكى يظهر بمظهر الورع والمتدين وكان قد سبق هذا الاستعراض باحتفال آخر لا يقل « وثنية « عن هذا الاحتفال ، انه الاحتفال بإحدى شعرات النبي محمد والتي لا ندري ان كانت من راس النبي محمد ام من راس من ؟؟.
ما جعلني اشعر بالمرارة هو ذاك التفاعل «الجاهل» من رواد وسائل التواصل الاجتماعي مع احتفالية «اناء النبي» وتصوير ما شاهدوه من فخامة وموكب على انه منتهى «الايمان والتقوى» وانه عمل جبار للرئيس قديروف ، والسبب في ذهاب البعض الى هذا التقدير الخاطئ هو انخداعهم بالمظهر وجهلهم بحقيقة هذا الرجل وممارساته وهو الذي يطلق الكلاب على رجال الدين المعارضين له لتنهش لحمهم حتى الموت ، خوفا من فضحه وكشف مخاطر تبعيته لبوتين.
يقول ابن رشد « اذا اردت ان تتحكم في جاهل فعليك ان تغلف الباطل بغلاف ديني» ، كما يقول «ان التجارة بالاديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل».
اما اشطر المتاجرين بالدين فهم ( الفاسقون والطغاة والفاسدون ) لكي يستروا عورات أخلاقهم.
Rajatalab5@gmail.com
الرأي