تمكن الرئيس الامريكي المنتهية ولايته جورج بوش الصغير من تفادي حذاء عراقي كان يطير باتجاهه في احدى قاعات المنطقة الخضراء في بغداد حيث كان الرئيس الامريكي ومضيفه رئيس الوزراء العراقي يعقدان مؤتمرا صحفيا بالمناسبة.
ربما سيكون حذاء منتظر القصة الرئيسية الاكثر دلالة واثارة في الحقبة الاولى من الالفية الثالثة تماما كما كانت حذاء خرتشوف القصة الاكثر دلالة واثارة في حقبة الستينات من القرن الماضي.
لقد جاء بوش الى بغداد في زيارة وداعية للبلد الذي قام بتدمير مختلف نواحي الحياة فيه وتمكن باستخدام القوة التدميرية السادية من اعادته الى عصر ما قبل الصناعة..
جاء ليحتفل بما اسماه الانتصار في العراق.. وكان الاجدى به ان يوفر على نفسه معاناة السفر والاهانة التاريخية الهائلة لو انه فكر بطريقة مختلفة.. لو انه وجه خطابا من مكتبه البيضاوي في واشنطن واعتذر للشعب العراقي على ما الحقه به من دمار وتخريب.. لو فعل ذلك لدخل التاريخ بصورة مختلفة.. ولخفف قليلا من الكراهية الهائلة التي يكنها له العراقيون وكل الاحرار على امتداد العالم.
لقد اضاع كعادته فرصة تاريخية كانت ستعيد قليلا من ماء الوجه المهدور.. وتزيل عن الامة الامريكية العظيمة بعض مما الحقه بها من خزي وعار وعبثية في السلوك لا تليق بالامم العظيمة.. لكنه كعادته يحب صناعة الاحداث بالطريقة المعكوسة الخاطئة.. لقد دمر العراق ولوث قيم النبل والتعاطي الانساني عبر سنواته الثمانية في البيت الابيض.. واخيرا حصد ما زرع.. فاطاح بقوة بلاده واحترامها فيما بينها وبين نفسها وعند العالم.. وها هو يبحث عن مظاهر زائفة للنصر قبل ان يتوارى عن الاضواء غير مؤسوف عليه..
فتحية للعراقي الشهم منتظر.. ودعوة للساسة الامريكيين الجدد لاستخلاص الدروس والعبر.. وذلك لمساعدتهم على اعادة بناء امتهم على اسس انسانية وحضاربة مناسبة.. انها لاشك مهمة صعبة تتطلب ارادة سياسية وعمل متواصل وزمن ليس بقصير.. لكن العالم باجمعه معهم ضمن هذا السياق ويتمنى لهم النجاح.. بالتأكيد.