هناك اعتقاد غير مؤكّد، وهو انطباعي بالضرورة، أن الدراما العربية (وبخاصة المصرية منها) في تراجع، أو أنها تجارية بحتة وضعيفة المحتوى، أمام الزحف الكبير للدراما التركية والبرازيلية أو الكورية...إلخ. ولكن، ومن خلال الفحص والمتابعة، والأمر يحتاج لبحث علمي واستطلاع رأي، وتحليل مضمون كامل وليس حلقات قليلة من هذه الدراما، فإن الدراما المصرية منتشرة وما زال لها موقع الريادة والاستقطاب، وقد حصرنا ما يزيد عن 25 مسلسل تلفزيوني كل منها يحتوي على 30 حلقة تلفزيونية(بواقع 45 دقيقة للحلقة الواحدة أي ساعة تلفزيونية).

المهم في الدراما السنوية العربية لهذا العام ( 2017) هو البطولة والنجم. وصارالسؤال عن البطل أكثر من السؤال عن جهة الإنتاج أو الإخراج. ويحبّذ بعض المشاهدين العرب لهجة دون أخرى. فاللهجة السورية باتت رائجة ويفضلها الكل(وبخاصة في المشرق العربي) في دبلجة المسلسلات الأجنبية. أما اللهجة اللبنانية فلها نكهتها وراغبيها في الخليج العربي مقابل اللهجة الخليجية التي يحبذها سكان الخليج بالتحديد. في حين أن اللهجة المصرية ما زالت الطاغية والمرغوبة في شمال إفريقيا والعالم العربي بشكل عام، وغيرها طارئ، وهي لهجة معتمدة ومفهومة لكل العرب.

الملفت في الدراما العربية ، هو : "نزوح إنتاج الدراما العربية إلى مصر"، فنحن نشهد رحيل النجوم السوريين واللبنانيين والفلسطينيين والأردنيين إلى القاهرة "عاصمة الدراما العربية"، والالتحاق بالمسلسلات العربية في مصر, الناطقة بلهجتها مثل مسلسل "الحرباية" من بطولة هيفاء وهبي ومنذر رياحنة . وكثير من الفنانين العرب من لبنان وسوريا وفلسطين والأردن رحلوا ليدخلوا في عجلة الإنتاج المصري كهوية. وصار بالإمكان إطلاق تعبير "عرب وود" على الإنتاج السينمائي والدرامي العربي في مصر. ونلحظ غزارة الانتاج الدرامي هناك، بحيث نستطيع القول إنه الطاغي على المشهد الدرامي العربي في كل عام.

والظاهرة الأهم في متابعة المسلسلات العربية لهذا العام وغيره ، هي متابعة المشاهدة عبر الانترنت واليوتيوب ، فمواقع التواصل الاجتماعي حلت مشكلة التضارب في المواعيد .أما الإعلان التلفزيوني فهو المسيطر في كل المسلسلات بحيث أعاق الإعلان عمليات المتابعة وشتت الانتباه وأدى إلى عزوف المشاهدين عن ملاحقة المشاهد المتداخلة. وتقوم بعض الفضائيات باشتراط الحصرية ، كأن تمنع بث مسلسلاتها في فضائيات أخرى أو عبر اليوتيوب. ويحتفظ موقع (الشاهد) الإلكتروني بحق الإعادة وهو ربما تابع لشبكة فضائيات MBC.

الدراما المصرية :

عفاريت عدلي علام (بطولة عادل إمام)، الحصان الأسود (بطولة أحمد السقا)، لمعي القط (بطولة محمد عادل إمام)، عشم إبليس (بطولة عمرو يوسف )، الحلال (بطولة سمية الخشاب )، اللهم إني صائم (بطولة مصطفى شعبان)، حلاوة الدنيا (بطولة هند صبري)، هذا المساء (بطولة إياد نصار)،واحة الغروب (بطولة منة شلبي وخالد نبوي)،الحساب يجمع (بطولة يسرا والمطربة بوسي)، طاقة القدر (بطولة المطرب حمادة هلال)، لأعلى سعر (بطولة نيللي كريم وأحمد فهمي وزينة )، ظل الرئيس (بطولة ياسر جلال)، طاقة نور (بطولة هاني سلامة وميس حمدان)، أرض جو (بطولة غادة عبد الرزاق)، وضع أمني (يطولة عمرو سعد)، الزيبق ( بطولة كريم عبد العزيم وشريف منير)، خلصانة بشياكة (بطولة أحمد مكي)، في اللالا لاند (بطولة دنيا سمير غانم)، هربانة منها (بطولة ياسمين عبد العزيز)، كلبش (بطولة أمير كرارة)، كفر دلهاب (بطولة يوسف الشريف و روجينا)، ريح المدام (بطولة أحمد فهمي)...

المسلسلات الكويتية والخليجية:

الكويت صارت تستقطب الفنانين الخليجيين في صناعة دراما كويتية وخليجية باللهجة الكويتية أو الخليجية بشكل عام. وللدراما في الكويت تقاليد عريقة وصار لها رواج كبير على المستوى العربى، بحيث باتت تنافس غيرها كمنطقة استقطاب غني فنياً.

المسلسلات السورية واللبنانية :

الحالة السياسية والفنية في سوريا عملت على تشتيت شمل الفنانين السوريين إلى لبنان ومصر، حتى دراما "باب الحارة "، بنسختها التاسعة هذا العام 2017 (بطولة عباس النوري وصباح الجزائري)، التي تحاول البقاء في دمشق وسوريا، جاءت هذا العام بممثلين أقل، وتحت وابل الرصاص الذي كان يُسمع أثناء تصوير بعض المشاهد، وقد رحل العديد من الفنانين عن بلاد الشام، وتبدلت الأدوار والبطولات لنفس الشخصية. رحيل الفنان السوري إلى لبنان، نشّط الدراما اللبنانية، فصار لدينا دراما هجينة بلهجة سورية – لبنانية. ومن المسلسلات السورية اللبنانية التي تم تصويرها بين لبنان وسوريا " الهيبة " (بطولة تيم الحسن وندين نجيم)

الدراما الأردنية (البدوية):

انتشر الفنانون الأردنيون في شتى أقطار الأرض العربية بعد حرب الكويت (1990) وإثر بيع "استوديوهات الأردن" للإمبراطور الإعلامي صالح كامل. وأصبح الفنانون ، مثل إياد نصار ، منذر الرياحنة ، ياسر المصري، وصبا مبارك.. يتجوّلون في الدراما العربية بأريحية.

ملاحظة أخيرة ، وهي لجوء بعض المؤسسات الإنتاجية الإعلامية العربية إلى صنف جديد من الدراما الناطقة بالعربية الفصيحة، ومنها المسلسل الرائج "غرابيب سود" الذي يتناول مجتمع داعش والحياة في ظلال العقيدة الإسلامية بعيدا ً عن منتجات الحضارة باعتبارها أدوات ضلال (أجهزة التلفزيون والراديو والهاتف).