خواطر يثيرها حذاء الزيدي (قبلة الوداع من العراقيين الى بوش)
15-12-2008 12:40 PM
كلنا يسمع عن آلام أهلنا في العراق, لكننا في الغالب لانشعر بها, ورغم تبلد مشاعري اتجاه قضايا الأمة إلا أنه لايمكنني أن أنسى ماذا كانت تشكل العراق لأهلي في فلسطين.. كانت حضناً وعندما انكسر عرفنا الضياع.
وقد تكون حادثة رشق بوش بالحذاء من قبل الصحافي العراقي منتظر الزيدي يداً تشد أنظار الأمة العربية لتطل على آلام الشعب العراقي ومقدار الغيظ في نفوس أبناء هذا الشعب الذي دمرته آلة المطامع الأمريكية في المنطقة.
ويحاول بوش أن يخرج من الموقف فيقف وقفة أستاذ الحرية ويقول بأن هذه الأمور تحدث عندما تكون هنالك حرية, يقول ذلك كمن يدلل على بضاعته التي أتى بها الى العراق, لكن صدق بوش والذي احتل العراق بكذبة سيظهر ان بقي الزيدي سالماً ولم ينكل به, إلا أن قطرات الدم التي رسبت من فوضى دفع رجال الامن تشي بأن ماكان أيام صدام من تنكيل لمن يعبر عن رأيه ويثور باق لم يتغير.
لقد قايض بوش بعض العراقيين الذين قدموا له يد العون في دك العراق على أن يهديهم الحرية والديمقراطية مقابل أن يهدم حضارة العراق ويسلب ثراوتها. لقد دفع أهلنا في العراق ثمناً غالياً للحرية لدرجة أنهم لم يشعروا إلا بمرارتها, ولم يعرفوا منها إلا الخوف والألم والضياع.. بل إن الحنين لأيام جبروت صدام حسين باتت تشد معارضيه وهم يرون العراق يغرق في مياه نتنة لها طعم الفتنة والخراب ورائحة الحرية, فالحرية التي تنتزعها كف المظلوم بمعونة طامع لا تأتي إلا بالمرارة والألم خلافاً لتلك التي ينتزعها أبناء البلد والحريصين على مجده فهي هذه الحرية الأصيلة التي لم يقطفها أهلي في العراق بعد.
هذا الحذاء أشعرني كم كنت بعيدة عن دموع صبايا العراق, صدقاً أعرف كما يعرف كل الناس الظروف الصعبة التي يحياها أهلي في العراق لكنني لا أنكر أنني لا أستشعرها, هذا الحذاء الذي اندفع لبوش ليصور للعالم كم الغيظ والالم الذي يعتمل في نفوس العراقيين نبهني الى أنني أعيش في شبابي اليوم خلافاً لطفولتي أنانية لا أشعر بهم إخواني.. ففي حرب الخليج الثانية كنت ورفاقي نجمع الاغذية والمعلبات ونرسل ألعاباً تعز علينا إلى أطفال العراق, عمّان كلها كانت تصمت لحظة بث خبر ما عن العراق, كانت هموم اخواننا في أي بلد عربي مدار حديث الجارات وهن مجتمعات لمد يد العون لإحداهن في عمل منزلي, كانت ألعابنا عندما كنا أطفالاً كلها تتغير وتوافق الحدث السياسي, ولوحاتنا في حصة الرسم ماكانت تجافي الهم الذي يشغل بال الأمة.. إلا أننا اليوم ونحن نحيا على هامش التاريخ تحيا همومنا السياسية على هامش انشغالاتنا بالحياة الزائلة.
هذا الحذاء لم يكن ضربة لبوش لكنه كان ضربة لوعيي الذي ينعم بالراحة والهدوء تاركاً إياي أحيا بمتعة دون أن افكر بإخواني غير القادرين على الحصول على متطلبات الحياة الأساسية.. هذه الضربة التي لم تصب بوش والتي أدمتني تدفعني لأن أنحني لأهلي في العراق وأن اصلي لأجلهم كثيراً, سأصلي حتى يقطفوا بأيديهم طعم الحرية الأصيلة.