أنصح الزعماء أن يعقدوا المؤتمرات الصحفية من الان فصاعدا في المساجد , فليس ثمة ضمانات ألا يقذف صحفي حذائه في وجه زعيم من زعماء الهزائم والجرائم الا اذا كان المؤتمر الصحفي في مكان يخلع الناس أحذيتهم قبل دخوله .
هناك نوعان من الصحفيين الاول ينقل الخبر وهم كثير والثاني يصنع الحدث والخبر وهم قلة نادرة , والصحفي العراقي منتظر الزايدي واحد من الصنف الثاني النادر , فليس من السهل أن يقوم صحفي بفعل يغطي به على زيارة رئيس أقوى دولة في العالم الا اذا كان ذلك الفعل مفاجأة مذهله تحتاج الى شجاعة فائقة , وبالفعل فان قذف جورج بوش بالحذاء في دولة مثل العراق قد يعني الموت أو التعذيب والسجن , ولكن الحدث بحد ذاته وتأثيراته ومغزاه يستحقان الثمن الذي سيدفعه الزايدي .
عندما بدأ الرئيس بوش غزو العراق قال عملاءه أن العراقيين سيستقبلونه بالورود , وما حدث فعلا أن العراقيين أستقبلوه بالبارود ولكنهم ودعوه بالاحذية .
أراد بوش الاحتفال في بغداد بما يظنه نصرا أميركيا يختتم به ولايته ويغطي على فشله ولكن ما فعله الصحفي العراقي أفسد عليه كل شيء وجعله محل تندر العالم , فبدل أن تنقل محطات التلفزة ووكالات الانباء تفاصيل توقيع الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة تناقلت على وجه السرعة منظر الحذاء الطائر باتجاه رأس بوش وكررت كل محطة المشهد عشرات المرات , وبدأ المحللون يتحدثون عن مدلولات ما حدث , فمنهم من قال أنه يدل على مدى الكراهية التي يحظى بها جورج بوش في العالم ومنهم من تناول ما أسماه خللا أمنيا في حرس الرئيس اذ تمكن الزايدي من قذف فردتي حذائه بكل أريحية قبل أن يتحرك أحد من الحرس الرئاسي , وبالنتيجة يجمع المحللون أن الزايدي أفسد على بوش ترتيباته بالخروج من البيت الابيض بقليل من الزهو والكبرياء وجعله مسخرة العالم .
سيظل حدث الامس حديث العالم لفترة طويلة وسيلاحق جورج بوش أينما حل وأرتحل وستكون هناك في أذهان الناس فرصة للمقارنة بين رئيسين للولايات المتحدة الاول جيمي كارتر الذي ما زال يحظى باحترام الزعماء والشعوب ويمارس دورا أنسانيا وسياسيا نبيلا والثاني جورج بوش الذي ورط الولايات المتحدة وأغرقها في الازمات وودعه العراقيون بالاحذية .
أما الصورة الاخرى فهي صحفي عراقي أنتقل في لحظة من رجل مغمور الى صحفي مشهور صنع حدثا وخبرا يتحدث به العالم , وهذا ما سيغري صحفيين أخرين أن يفعلوا مثله مستقبلا فليحذر الزعماء أين ستكون مؤتمراتهم الصحفية .