ماذا لو كان بوش زعيما عربيا ؟
مالك نصراوين
15-12-2008 04:29 AM
الحادث الذي تعرض له الرئيس الامريكي جورج بوش ، وفي زيارة الوداع الاخيرة للعراق ، حيث تعرض لرمي حذاء احد الصحفيين العراقيين عليه ، تثير في المرء اكثر من تساؤل ، فهي من الحوادث الغريبة على مجتمعاتنا العربية ، وربما تكون اول حادثة من نوعها يقوم بها عربي ضد زعيم ما .
لكن مثل هذه الحادثة تتكرر كثيرا في الغرب ، اذكر منها على سبيل المثال ، تعرض الرئيس الامريكي بوش الاب ، لرمي الطماطم الفاسدة عليه ، اثناء الحرب الاولى على العراق عام 1991 ، وتعرض الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لحادث مشابه قبل عدة اسابيع ، انها بالنسبة للغرب حادث ليس بغريب ، وكثيرا ما يتكرر مع زعماء عديدين .
لكن الغريب في الحادث ، ان من قام بها عربي ، وتبقى اقل غرابة ، منها لو كانت ضد زعيم عربي ، وهذا ما ذكرني تلقائيا بطرفة طالما تداولها المواطنون العرب ، حيث تباهي امريكي امام العربي بحريته في بلاده ، وبانه يستطيع شتم الرئيس الامريكي بكل حرية ، فرد عليه العربي ، بانه هو ايضا يستطيع شتم الرئيس الامريكي في بلاده العربية ، وها قد اصبحت الطرفة حقيقة ، فالمواطن العربي يستطيع ضرب الرئيس الامريكي بحذائه .
قلت في البداية ان مثل هذا الامر يثير العديد من التساؤلات ، فما الذي يدفع صحفيا شابا الى ما قام به ؟ انه الشعور بالقهر والظلم ، والشعور بالعجز عن الرد بغير هذه الوسيلة على احتلال بلاده وقهر شعبه ، ربما الامر تجاوز الشعور الوطني ، الى ظلم عائلي ، كأن يكون احد افراد عائلته قد تعرض للقتل والتنكيل من قبل القوات الامريكية ، او كنتيجة للغزو الامريكي ، وهل فكر الشاب بعواقب ما قام به ، ام انه استخف بهذه العواقب كون الرئيس امريكيا ؟
وهنا يخطر ببالي ، كما يخطر ببال العديد العديد من المواطنين العرب ، ماذا ستكون ردة الفعل لو ان الذي ضرب بالحذاء زعيما عربيا ، او احد زعماء دول العالم الثالث ؟ استطيع ان اؤكد بان هذا الصحفي وباديء ذي بدء ، سيتعرض لسيل سباب وشتائم فورية من الزعيم نفسه ، ليس اقلها " لعن الله ابو شاربك" ، وربما سيقوم الزعيم نفسه بتنفيذ ارادة الشعب الفورية باعدامه بمسدسه وداخل القاعة ، ولو سلم من الزعيم فلن يسلم من الجماهير الغاضبة ، التي سوف تمزق جسده الى مئات القطع .
ارجو ان لا يفهم احد من كلامي هذا ، انني متعاطف مع الرئيس الامريكي ، ربما العكس هو الصحيح ، فالتعاطف دائما مع الاضعف ، وهذا الشاب الذي غامر بمستقبله هو من يستحق التعاطف ، فلم تثر هذه الحادثة في نفسي الا الاستغراب فقط ، لكنني اتمنى ان لا نحمل هذا الحادث اكثر مما يستحق ، انه حادث شبه طبيعي يتكرر مع زعماء غربيين كثيرين ، وهو ليس بالنصر المبين الذي يجب ان نفخر به ، ونبالغ بالتحليلات حوله الى حد السخافة ، فلن يصاب الرئيس الامريكي ياي عقدة نفسية بسببه ، وسينام ليلته الطويلة بدون قلق ، بل ربما يتم استغلاله اعلاميا للتدليل على مزايا الديمقراطية من جهة العقاب ، فالمواطن العربي المقموع وهو مسالم ، لا بد ان يتساءل مثل هذه التساؤلات المشروعة .
m_nasrawin@yahoo.com