جدوى الانتخابات البلدية 2017 !
حمد نــزال
02-06-2017 05:21 AM
أظهر حل المجالس البلدية وتعيين موظفين رسميين لإدارة شؤون المدن والبلدات الاردنية عمق الخلل الذي يعتري المجالس المحلية "المنتخبة" وبأنها ليست مهيأة – بحكم البنية والقانون- لتقديم الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للجمهور.
الأشهر الانتقالية القليلة الممهدة للانتخابات المقبلة منتصف شهر آب، هي فترة حميدة من التقاط النفس للمواطن الذي صمد وصبر على هيئات منتخبة لم تسهم سوى في المزيد من التراجع في مسيرة التنمية واللحاق بركب التقدم الذي تلجه العديد من شعوب العالم.
ما المنطق من انتخابات تفرز مجلس بلدي يساق مرارا وتكرارا–مجبرا أم بخياره لا فرق- إلى مجاراة الترهل والفساد والبيروقراطية؛ والتهرب من الحلول الجذرية لمشاكل متراكمة؛ والعبث بالأولويات؛ والاستسلام للميول الشخصية؛ والخضوع لرغبات المؤثرين من ابناء الفصيلة... ناهيك عن التكسب والانتهازية واستخدام المال والمنافع وغيرها من أمراض السياسة التي تبيح الوصول إلى الكرسي البلدي بصرف النظر عن الثمن الأخلاقي الناجم عن التضحية بالصالح العام ؟
قيل الكثير حول التمثيل الشعبي وحق الناس في الاختيار ومسك زمام الأمر فيما يخص الحياة اليومية وتنظيم الطرق والمباني والأسواق والمرافق العامة...غير أننا نعلم ان الوعي والبيئة الملائمة ليستا في المتناول عند الحديث عن الانتخاب في مجتمعات متأخرة معرفيا واقتصاديا.. والحجة ذاتها تنسحب على الانواع الاخرى من الاقتراع بما في ذلك البرلمان.
إن دراسة تجارب الشعوب في التنقل من مرحلة انحطاط لأخرى مزدهرة هي شرط لا بد منه للاستفادة واختصار الزمن والبدء في التغير نحو الافضل.
اولاَ، لا بد من توفر إرادة حكومية أصيلة في التغيير، بعدها يتم شرح الرغبة ومبرراتها للجمهور ومن ثم يتم فرض هذه الرغبة بقوة القانون. هناك شروط عديدة أخرى لنجاح عملية البناء أهمها العدالة الاجتماعية (توزيع عادل للفرص والموارد) والتنشئة وتعزيز الشعور بالأمن النفسي والوظيفي والصحي بالإضافة الى الثقة والشعور بالمسئولية حيال البيئة والمرافق العامة.
منذ أن حملت حقيبة سفري قبل عقدين كاملين، اعتدت على العودة لمسقط رأسي (المفرق) بين الحين والاخر وقضاء أشهر بسيطة لأجد أحوالها مقيتة لا تسر على كل اصعدة الخدمة العامة من نظافة وطرق ورشى وفساد.. اليوم، تغير الحال على حين غرة، وصارت مدينتي منذ أشهر نظيفة براقة واختفت اكوام القمامة، وأنيرت الشوارع وزينت الميادين، وظهرت أليات حديثة بل وستة من المسحرين يجوبون الشوارع وقت السحور.. وكثير من الامل.
متحررا من كل قيد أو مصلحة سوى ما يمليه الضمير والصالح العام، أكتب ثناء على رئيس البلدية المؤقت – المتصرف- الذي يمثل الدماء الجديدة في الإدارة المحلية والرغبة الصادقة في العمل والبناء.. وكما الكثير من "المفرقين" أتمنى تأجيل، بل إلغاء الانتخابات البلدية 2017!
* صحفي مستقلِ.