رمضان مبارك عليكم , وعلى جميع خلقه وعباده , فالصيام فريضة علينا وعلى من سبقنا من البشر , ولأن العادة تقتضي ان نتداول الاسئلة في رمضان وان نجتهد في ابتكار اسئلة لحالات مستعصية وحالات مكرورة وحالات مستحيلة الحدوث , فإنني اخالف المألوف واستأذنكم في طرح اسئلة جالبة للقلق الشخصي والقلق الوجودي , فأنا والعياذ بالله ممن تورطوا في مدرسة الافكار الوجودية واليسارية , وقرأت كتب التراث ونقد هذه الكتب من مفكرين ينتمون الى مدرسة التحليل والتفكيك مثل حسين مروة وهادي العلوي , واعترف اكثر انني اقتنع بهذه المدرسة من التفكير , بل انني اميل الى ان تراثنا مليء بالمخازي بنفس القدر الذي هو مليء بالاحداث العظيمة والابداعية , كأي تاريخ مجموعة بشرية , فهل انا كافر ؟
أبدأ بسؤال ذاتي , بوصفي ولي امر اسرة او ربّ اسرة , فزوجتي يا مولانا تؤدي الفروض كافة وملتزمة بالصيام والصلاة ولكنها غير محجبة , واظن ان قناعتها بالحجاب رخوة او مهزوزة فهي من انصار مدرسة الاخلاق الدينية وليس المظهر الديني والاداء المتدين , ولم احثّ اولادي على الصيام , بل ان احدهم لا يصوم والثاني يصوم يوما بعد يوم والثالث منضبط في الصيام فقط , ولا اجد غضاضة في ذلك , فأنا مؤمن بان الصوم عبادة اختص الله بها نفسه ولذلك اجدها حرية شخصية جدا وليس من حقي كأب او مُعيل ان اتدخل في هذا الشأن , وفي مكتبي الخاص تركت البوفيه مفتوحا واوصيت زميلنا ابرام , مسؤول البوفيه بتقديم الخدمات لمن يرغب , فهل انا كافر ؟
اصدقائي من الجنسين اقرب الى مفهوم الثقافة الدينية الاخلاقية ومعظمهم علمانيون موحدون , وهناك ليبراليون ويساريون ومتدينون وملحدون , اسف مولانا ولكن هم كذلك , ولكنهم اصدقائي منذ سنوات طوال , نسيت لدي صداقات حميمة مع مسيحيين , بل ان ابنتي التي لم انجبها هي من اتباع عيسى المسيح وربما ان سيلينا اعزّ علي من ابنائي الذكور , ونناقش كل شيئ دون حساسية , واحيانا يكون النقاش تحت تأثير عوامل غربية ومحلية فيرتفع الحديث وتخدر الألسنة , ولكن صديقاتي القريبات فيهن بعض محجبات ورغم محاولات لاقناع فدوى وميسا والهام بارتداء الحجاب الا انهن عجزن عن ذلك وبالخصوص مع مجدولين , والاهم ان ازواجهن الاصدقاء لا يجدون غضاضة في ذلك رغم انهم علمانيون وبعضهم ملحد , وبحكم علاقاتي مع هذا الخليط الجميل , هل انا كافر ؟
لا استطيع ان ان ارى امتيازا لرجل على انثى , اسف لذكر على انثى , فالرجولة قيمة تحتاج الى جهد ومواصفات كي يستحقها الذكر, مثل الفروسية التي تحتاج الانثى الى جهد ومواصفات كي تستحقها , ولست قلقا من طغيان اتباع دين على اتباع دين في العدد او في المواقع السيادية , فأنا مؤمن بيقين ان النزاهة والكفاءة هي معيار الوظيفة ومعيار الترقي فيها , ومؤمن ان الدين لله وان الوطن للجميع , ومؤمن ان بطرس اقرب اليّ من مهاتير بحكم المواطنة والتراث والثقافة واللغة , ولست ممن يؤمنون بمفردات العيش المشترك والوئام الديني والحوار بين الاديان , لسبب بسيط , لا يوجد احد مخول بالتحدث باسم دين او يحمل تفويضا من هذا الدين ولا وكلاء لله على الارض , فأنا وغيري نتواصل مع الخالق وقت نشاء و دون اذن من احد , فهل انا كافر .
مولانا انا مؤمن ان المواطنة فقط هي من تجمعنا وتوحدنا في اوطاننا ومؤمن ان الاديان طريقنا الى الله نسير اليه في طرق متعددة وجميعنا سنصل في نهاية المطاف , فلنسلك جميعا طريق المواطنة ونترك الناس يسلكون طريقهم الى الله كما يرغبون , فهل انا كافر .
omarkallab@yahoo.com
الدستور