زيارة بوتين إلى فرنسا .. مغازلة سياسية شائكة
أ. د. ناهد عميش
30-05-2017 06:59 PM
تعد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن إلى فرنسا خطوة بارزة نحو تأسيس حوار مشترك بين البلدين. وقد جاءت زيارته بمناسبة ذكرى مضي٣٠٠ عام على زيارة بطرس الأكبر لفرنسا. وهذه الزيارة كان لها معانٍ عدة إذ أتت في إطار رغبة الروس في تلك الحقبة في الانفتاح على الحضارة الفرنسية.
استقبال الرئيس الروسي في قصر فيرساي يعطي دلالات على أهمية هذه الزيارة بالنسبة إلى فرنسا لما لهذا المكان من قيمة تاريخية للدولة الفرنسية.
استحوذ الملف السوري والملف الأوكراني على أهمية بالغة في المناقشات بين الرئيسين. وكان جلياً في خطاب كليهما، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقب اجتماع الرئيسين، بأن مكافحة الإرهاب هي من أولوياتهما. قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع نظيره فلاديمير بوتن أنه يأمل بتعزيز شراكة فرنسا مع روسيا في هذا الملف، وأنه اتفق مع الرئيس الروسي على إنشاء "مجموعة عمل" فرنسية روسية في سبيل تحقيق هذا الهدف. هذا كله يأتي مع علمنا باختلاف وجهات نظر الطرفين لمفهوم الاٍرهاب وتحديد الجماعات الإرهابية، فهناك جماعات مدعومة من روسيا تصنفها فرنسا على أنها إرهابية والعكس صحيح أيضاً.
وفي هذا الإطار شدد بوتن على استحالة محاربة الاٍرهاب من خلال زعزعة الدولة السورية أما ماكرون فقد أوضح بأنه مع "الانتقال الديمقراطي" في سوريا و"لكن مع الحفاظ على الدولة السورية"، لأن "الدول الفاشلة في المنطقة تشكل تهديدا للديمقراطيات الغربية. ومن هنا نرى تحولا في الموقف الفرنسي نحو الحلول المطروحة للأزمة السورية. وينطوي تصريح ماكرون على تقرّب من الموقف الروسي من حيث صعوبة محاربة الدولة والإرهاب في آنٍ واحد.
ولكن هناك مبادئ تقوم عليها السياسات الخارجية للدول من الصعب خرقها، فماكرون الذي ينادي باتحاد أوروبي قوي لن يخرج، في اعتقادي، عن المسار الأوروبي في السياسات الخارجية.
لقد أظهر الرئيس الفرنسي قوة وصلابة في موقف فرنسا اتجاه بعض الأمور ومن أبرزها استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، إذ قال إن أي استخدام للأسلحة الكيماوية يمثل "خطاً أحمر يستوجب رداً فوريا" من جانب بلده.
لعله من غير الممكن أن يجري حل جميع الخلافات في لقاء واحد، لا سيما أن الهوة كبيرة في السياسة الخارجية للبلدين. ولكن وجود مصالح مشتركة بينهما سواء أكانت اقتصادية أو سياسية ربما تكون كفيلة لفتح صفحة جديدة بين البلدين ومحاولة التركيز على الجوامع المشتركة بينهما لا على الخلافات.