مآلات العرب مع الاسلام السياسي
د. عاكف الزعبي
28-05-2017 01:16 PM
من غير ما حسد يقف العرب اليوم – والعروبة أقدم من الاسلام نفسه قبل التمذهب الشيعي السني– في ظل غياب مشاريعهم القطرية ومشروعهم القومي بين نظام الولي الفقيه الذي يرى في إيران وصية على العرب الشيعة، وبين حزب العدالة والتنمية الذي يرى في تركيا وصية على العرب السنة. اليس هذا في واقع الحال أحدث منتج لفكر الاسلام السياسي؟ الفكر الذي لم تتوقف تبعات خلافاته عما تتسبب به من صراعات طائفيه ومذهبيه وحروب دموية بين المسلمين على امتداد تاريخهم الطويل .
على الرغم مما آل اليه حال حركة الاخوان المسلمين في مصر ومراجعات شبابها، ومراجعات وتراجعات الحركة في فلسطين (حماس)، وانقسام الحركة في الاردن وانفصالها عن الحركة في مصر وعن التنظيم الدولي للإخوان. لا تزال الحركة في تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية غير ابهة بذلك كله ماضية في اصرارها على سياستها ان كان في الداخل لأسلمة النظام السياسي في تركيا وانتزاعه من ثقافته الديمقراطية العلمانية التي اوصلت الحزب للحكم وكان نجاحه جزءاً من تراكميتها. او على صعيد الاقليم لتوسيع نفوذ الحركة في الدول العربية امعاناً في تكريس مفهوم الامة الإسلامية وتحقيق حلم الخلافة .
مالنا نحن والأممية الإسلامية؟ هل نسعى لاستحضار أممية مسيحية؟ وأممية يهودية، وأممية بوذية؟ وأممية هندوسية؟ هل نريد ان نوحد اديان العالم، ام نريد ان نواجهها؟ هل نريد ان نجعل العالم كله مسلماً؟ ولماذا نرى في أنفسنا كمسلمين اوصياء على باقي خلق الله من غير المسلمين؟ وهل مشروعنا هو في توحيد المسلمين في مشروع اممي اسلامي وتولي قيادتهم لان النبي (ص) عربي والقران الكريم عربي والاسلام بدأ في ديار العرب؟ فالإسلام دين الله تعالى لكل الشعوب وكل شعب حر في ان يفهمه كيف يشاء ويفسره كيف يشاء ويعمل بتعاليمه كيف يشاء. فمن يجعلنا كعرب اوصياء على المسلمين؟ ومن يجعل للمسلمين من غير العرب بحكم كثرة عددهم او صعودهم التنموي او تعصبهم المذهبي الحق في النظر الى العرب كمجرد حالة مذهبيه تسوغ لهم التطلع لإلحاقهم بهم ؟
أليست داعش نتاجاً من منتجات الاسلام السياسي المذهبي في سعيها لقيادة الامه واستعادة الخلافة؟ فالدواعش مسلمون بالوراثة والانتماء البيئي ومصادر الفكر؟ الا تستند طروحاتهم الى فكر وفتاوى ابن تيميه الملقب بشيخ الاسلام، ومن بعده تلامذته من ابن قيم الجوزية الى محمد عبد الوهاب ومن بعدهم حسن البنا وسيد قطب وعبد الله العزام وايمن الظواهري تلميذي سيد قطب؟ وفكر هؤلاء في مجمله بعلم الجميع اصولي سلفي جهادي معلن ومشهر في كتبهم .
للأسف العرب اليوم شيعة عرب في نظر ملالي ايران ، وسنة عرب في نظر الحزب الحاكم في تركيا . حال تقف وراءه وتغذيه الاختلافات بين الاسلام السياسي التي تعود لقرون طويله ماضيه وهي في تجدد الى ما شاء الله . وها هي اليوم فئة تقيم دولة دينيه شيعية للولي الفقيه في طهران ، واخرى تطمح لاعادة دولة الخلافة السنيه في تركيا . امام ذلك دعونا ننظر اين المسلمون واين العالم اليوم ؟ هذا هو ما يجب ان نتفكر به ونجيب على اسبابه . على ان الاهم في نظرنا هو اين يقف العرب اليوم ؟ اين تقف الدولة القطرية العربية واين هو مشروعها؟ واين يقف التعاون العربي واين هو مشروعه؟