لا يوجد نادْ لرؤساء الحكومات السابقين ، في الاردن ، اذ كيف يكون هناك نادْ لرؤساء الحكومات ، ومعظمهم ، لم يوفروا بعضهم البعض ، حين كان يتولى كل شخص ، منهم رئاسة الحكومة؟.
تعبير "النادي" يذكرني بلعب الورق ، وطاولة الزهر ، وسحب الانفاس من النرجيلة ، وان هناك مجموعات تناقش برامجها وبرامج غيرها ، واذا كان كثيرون من رؤساء الحكومات السابقين ، فضلوا الابتعاد عن الاضواء ، فقد كان هذا عائدا لمعرفتهم ان الاضواء ، ستجلب اشياء اخرى ، غير الدور التشاوري ، والتأثير على اي حكومة جديدة ، فالاضواء في هذه الحالة ستجلب في الحد الادنى مراجعات ، لفترات تسلمهم للمسؤولية ، وستفتح الباب ، للقيل والقال ، ولهذا يفضل كل رئيس حكومة سابق ، ان يجمع اوراقه ويتقاعد بعيدا ، وهذا نمط تراه في كل حكومات العالم ، حتى العالم الغربي ، الذي نرى فيه للانسان ، احتراما لذاته ، فيتقاعد في مرحلة معينة ، ويذهب للعمل في القطاع الخاص او اي مكان اخر ، اذ لا يطرح احد نفسه باعتباره عابرا لكل المراحل ، او انه "بحر العلوم" يستطيع ان يفتي في كل المراحل ، وكل التغيرات التي تحدث ، ولو كان كذلك ، لنجح تماما في مهماته ، وفي فترته ، التي يفضل كل رئيس حكومة ، اسدال الستار عليها ، وعدم فتحها للنقاش العام ، بالاضافة الى ان هنات أي رئيس حكومة سابق ، ليست مطلوبة في اي حكومة لاحقة ، فبماذا سيفيد رئيس حكومة سابق ، دخلت حكومته في مشاكل كثيرة ، اذا تم سؤاله واستفتاؤه ، حول اي قضية حالية ، سوى نقل طريقته في التفكير ووصفاته الى عهد اي حكومة لاحقة؟.
لدينا رؤساء حكومات سابقون ، ولا يوجد لدينا "نادْ" لرؤساء الحكومات السابقين ، وهناك فرق كبير في التعبيرات ، وفي مغازي هذه التعبيرات ، واحسب ان كل شخصية تصل الى هذا الموقع تستطيع ان تفرض ايقاعها ، على الحياة العامة ، بهدوء شديد ، وبطرق ذكية ، بعيدا عن عرقلة اي حكومة موجودة ، بمبدأ مشاورة من رحلوا ، كما ان كل رئيس حكومة سابق يحترم نفسه ، يبتعد اصلا ، عن الاضواء ، ويتصرف بمنطق رجل الدولة ، لا.. منطق الذي يقفز باعتباره رئيس بلدية ، ويمارس وجوده السياسي والاجتماعي ، بوسائل كثيرة تجعله حاضرا ومحترما ، دون ان يبدو في حالة لهاث وراء دور ، تجاوزه هو اصلا ، بمجرد تقاعده كرئيس حكومة سابق ، يعرف ان لكل مرحلة ظروفها الخاصة التي تحكمها ، والتي قد لا يكون مطلعا على كثير من اسرارها الخفية ، وكيف سيفتي اذن وهو ليس جزءا من مطبخ القرار ، ولا معلومات لديه عما يجري ، في دوائر الدولة المختلفة ومركز صنع القرار ، بل كيف سيقدم مشورته ، وهو بعيد عن التفاصيل اليومية ، التي تصوغ المشهد بكل معانيها؟.
ليس من حق اي رئيس حكومة سابق ، ان يدعي اليوم ، انه اسير لدائرة الصمت ، ومن اراد ان يخرج ويتحدث ، فليخرج وليدلً بدلوه في كل شأن ، ولعله هو اول الخاسرين ، من هذا الخروج ، لانه سيفتح الباب لمراجعات عامة ، حتى بخصوص مرحلته ، وسيفتح الباب لمقارنات ، ولا احسب ان اي رئيس حكومة سابق ، يرغب بالتعرض لكل هذا الكم الهائل من الضوء ، لان له اثارا جانبية ، حتى على وجوده ، مثل الدواء ، الذي لا يعرف احد ان كان مناسبا ، ام لا ، وان كان مناسبا ، وما هي اثاره الجانبية.
رؤساء الحكومات السابقون ، لهم كل الاحترام ، واولى درجات الاحترام ، انهم يعرفون انهم ليسوا مهمشين ، فقد مارسوا دورهم ، وانتهت مراحلهم ، واي تأثير لهم في الحياة العامة ، مطلوب ، لكن ليس تحت عنوان انهم شخصيات انقاذية ، بقدر كونهم مثل اي اردني يستطيع الحديث حول الشأن العام ، وحسب ، دون ان نخلق طبقة سياسية جديدة ، غير موجود اصلا ، كون من فيها لهم حسابات معقدة تجاه بعضهم البعض.
m.tair@addustour.com.jo
الدستور