رمضان شهر الخير والرحمات ، شهر يزيد من تماسك العائلة وهم يلتفون برحمة حول المائدة ، وهم ينتظرون المؤذن ، هو عبادة وتربية للصغار والكبار .
رمضان يشعرنا بالفقراء الذين ربما لا يجدون هذا الخير التي تفيض به الموائد ،وربما لا نسمع صوت وجعهم إلا هذه الأيام ، ولنتذكر اليتامى الذين لا يطرق بابهم أب يحمل أكياسه ولكن لن يعود .
رمضان يشعرنا بالجندي الذي يفطر " بالسفرطاس " ، عين على طعامه وعين على سلاحه في خفارته ، لم يزاحم أحد في الشارع ، ولم يفتعل مشكلة قبل الإفطار وهو يحضر ضمة بقدونس ، ولم ينشر على حسابه في الفيس بوك صورة "منسف" ، إنما تناول بسرعة طعامه ليتيح لزميله أن يأخذ دوره في الإفطار .
رمضان يشعرنا مع من غابوا عن موائدنا ، لطالب مغترب يفطر وحيدا ، بطعام بارد صنعه ولم يطهى جيدا وأقنع نفسه أنه لذيذ ، وكل من حوله غريب بلا طعم أو نكهة ، ويحنّ لمشاجرات اللحظات الأخيرة قبل الآذان ، ولكأس شاي أمه بالقرفة، وللهلال المعلّق على نافذة الجيران ، ولأصوات المفرقعات في الحارة .
رمضان يذكرنا بالأمهات والزوجات اللواتي ينطرن دروب الأبناء متى يعودوا ، وربما ينتظرن أصواتهم أنهم بخير ، حال بينهم واجب أو مرض أو غربة أو سجن ، والأشد ألما من غاب ولن يعود من تحت التراب ، لكن تظل قلوب الأمهات وحدهن يسكنهنّ الأمل بأنهم سيعودون يوما .
لنتذكرهم هؤلاء في رمضان ، فهو شهر الرحمة من الله للعباد ، ومن الناس للناس .