نتوقف مليا ونحن نقرأ في القائمة التي نشرتها عمون عن المفقودين الاردنيين خلال حرب 67 وما بعدها ، والقارئ لها لا يفرق بين من هو عسكري او غير ذلك ،او حتى لا يتبادر للذهن ان معظم هؤلاء هم من جيشنا العربي وبرتب عسكرية ومصنفين كشهداء في قوائم الشهداء الرسمية .
وحقيقة مهمة انه لا يوجد مفقود اردني واحد بعد حرب 67 مطلقا بينما نجد في هذه القائمة اسماء تسعة اشخاص ولا نعرف الى اي جهة ينتسبون.
ازعم انني وقفت على معظم بل غالبية اضرحة شهداء جيشنا العربي في ارض فلسطين وطفت كل ساحات القتال من حرب 48 وما بعدها برحلات وجولات دراسة تعدت الثلاثين جولة ، ويرقد على ارض فلسطين اكثر من 260 شهيدا اردنيا بعضهم قبورهم معروفة ومدونة ،واخرى معروف انه شهيد اردني ولكن غير معروف الاسم .
الشهداء الاردنيون غير معروفي الاسم هم بسبب ان من واراهم التراب لم يدون الاسم حسب الهوية المعدنية للشهيد ،وبعضهم قامت نفس قطعاتنا العسكرية بدفنهم اثناء المعارك على امل العودة اليهم واعادة دفنهم ، ولكن ظروف وتداعيات حرب حزيران المعروفة اوجدت ارباكا واحدثت خسائر عديدة.
قائمة الشهداء المفقودين من الجيش العربي الاردني تتجاوز رقم 225 وهذه قائمة رسمية ، ولكن ان نقرأ فقط هذه الاسماء وكثير منهم ليسوا من الجيش الاردني فهذه تحتاج الى النظر فيها.
وايضا كان هناك اسرى اردنيون في حرب حزيران وفي معركة الكرامة وتمت عودتهم الى الاردن دون استخدام مصطلح الاسير المحرر .. ولكن احيانا تريد بعض الجهات اسقاط مصطلحات تناسبها .
في ارض فلسطين ويجب ان نشير الى تقدير اهل فلسطين لشهدائنا واحترامهم لتضحياتهم ورواية القصص المشرفة عنهم ، وهنا من واجبنا ان يكون لدينا اهتمام في دراسة الشهداء .
تقدير الشهداء لدينا هو مميز من ناحية الامتيازات الدراسية والراتب وغير ذلك - وهذا ليس محل نقاش -.
ولكن من ناحية الدراسة المستمرة والتوثيق فهذا امر اخر ، وحين تخرج مثل هذه القائمة وبهذه الصورة فهي دليل على نقص المعلومات وخلط الشهداء بالمفقودين والعسكريين مع غيرهم.
هناك شهداء مفقودين بسبب دفنهم دون تحديد وتسمية قبورهم ،وهناك من استشهد بسبب استهدافه بقذيفة او تفجير لم يترك له اثر من جسده ، ربما ان هناك عدد ضئيل قد التحق باهله في داخل فلسطين وغير من صفته الشخصية، ولكن نقول ان هناك قبرا واحدا يضم اكثر من 120 شهيدا في قبر جماعي في مقبرة الرحمة في سور القدس الشرقي، ولا تعرف اسماؤهم ؟ هناك حوالي 55 شهيدا في مقبرة منظمة وجميلة في البيرة في رام الله ومعروف حوالي ثلاثة اسماء .
هناك قبور لشهداء اردنيين في دار صلاح غرب بيت لحم واخرى الى الشمال قليلا من طوباس وفي منطقة الزبابدة وعلى طريق الجامعة الامريكية خروجا من الزبابدة.
اماكن عديدة يرقد شهداؤنا فيها كمنارات وسفارات اخوة وتضحية ، وعملية التوثيق والبحث يحتاج الى مؤسسية ورؤية علمية غير مزاجية واقصائية كما هو السائد حقا ، ونرى ان عملية العثور على رفاة الشهداء هو بطرق غير اردنية، وحتى ان هناك تراجع على الارض بالعناية بالشهداء وليس ادل على ذلك على قبور اربعة شهداء اردنيين في النبي صموئيل الى الشمال من القدس الذين تختفي معالمهم تدريجيا تماما.
ولعل الاخوة في فلسطين يحيون شهداءنا بمراسيم عسكرية كما يجري مع صرح شهداء وادي التفاح في نابلس ومقبرة الشهداء في طوباس ، وجرت محاولة لمرة واحدة اردنيا قبل عامين بزيارة شهدائنا في القدس بمراسم عسكرية اردنية.
علينا ان نعترف ان هناك تقصيرا في جانب التوثيق السكري الصحيح العلمي وموضوع خدمة تاريخ الشهداء.
قصة الشهداء الاردنيين تحتاج الى توثيق ودراسة واستقصاء ويمكن الوصول الى معرفة اسماء اصحابها بمعرفة الاقران ومكان قتال الوحدة والحصول على معلومات من شهود العيان عدا عن الوصول الى الهوية المعدنية.
هناك الكثير للحديث عن الشهداء والشهادة والتاريخ .