احداث الشغب وتحدي السلطات في البحرين باستخدام العنف من قبل المتظاهرين،والقوة المفرطة للرد على ذلك ليست جديدة ،بل تتصاعد وتنخفض وتيرتها ، تبعا للسياقات الاقليمية ،وتعطي مؤشرا دائما على مستوى العلاقة بين البحرين الدولة واوساط في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وخلافا للمظاهرات التي تشهدها دول عربية عديدة تحت عناوين مختلفة مرتبطة بقضايا مطلبية ،لن تجد شيئا من هذا البحرين ، وكلما شهدت المملكة احداثا لا تملك الا ان تعود لمتابعة الاعلام الايراني قبيل وقوع الأحداث وخلالها ،لتكتشف حجم التحريض الذي يتم في طهران.
الاحداث الاخيرة وما رسمته وسائل الاعلام الرسمية والمعارضة،يثير تساؤلات حول موضوع الأحداث من جهة وتوقيتها من جهة اخرى ،فمن حيث الموضوع فان قضية الشيخ عيسى قاسم المعروف ب(سيستاني)البحرين مضى عليها اكثر من عام ،الذي يعني ان عنوان التحرك تم اختياره بعناية ،لما يمثلهمن رمزية بالنسبة للمكون الشيعي في البحرين.
اما من حيث التوقيت ،فلا يستطيع اي محلل ان يتجاوز ربط الأحداث بقمم الرياض،والتوافق الخليجي الأمريكي الذي شهدته القمم الثلاث حول ايران وتاكيد دورها ومسؤوليتها في عدم الاستقرار بالمنطقة واللعب على وتر الطائفية.
ويبدو ان مرد التضامن الواسع مع السلطات البحرينية كان في ظل ادراك واسع لحجم الاستهداف للدولة ،وخاصة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي،ودول صديقة اخرى من بينها الاردن ومصر وغيرهما، لطالما عانت وتعاني من التدخل الإيراني باشكاله المختلفة.
ومن غير الواضح اذا ما كان هناك توافق بين تيارات الحكم في ايران حول استمرار سياسة التدخل في شؤون دول الجوار،ام ان هذا الرد على التوافقات الخليجية الاميريكية جاء من قبل التيار المتشدد،وعنوانه الرئيسي الحرس الثوري،لقطع الطريق على اية احتمالات على الرئيس الاصلاحي حسن روحاني، المنتخب قبل ايام لدورة رئاسية ثانية ، لوضع العصي في دواليب عجلات مراكبه وامكانيات مد يده الى الخليج للمصافحة.
على اية حال ،ربما مالا يعرفه كثيرون ان البحرين تشكل راس الحربة في مواجهة المشروع الايراني الذي يستهدف دول الخليج العربي كافة ،او لنكن اكثر دقة تيارا محددا في إيران،لحين ما يثبت العكس، اذ ان ما يعرف بالمجلس العلمائي في البحرين يبني خيوط اتصال ،في اطار هيكلية تنظيمية مع قيادات من الطائفة الشيعية في دول الخليج العربي الاخرى.
وفي الخلاصة ،فان التضامن مع المتظاهرين في البحرين من قبل القوى الديمقراطية،عربيا وإقليميا ودوليا ،سيبقى موضع شك ،ما دام استجابة وانصياعا لاوامر اوساط ايرانية ،تصر على رؤية الدماء العربية تسيل في البحرين وغيرها ،رغم انها على يقين ان البحرين ليست العراق ولا سوريا ولا لبنان ولا اليمن .