حكومة الملقي والامتحان الصعب
جمانة غنيمات
25-05-2017 12:45 AM
ثمة أجواء جديدة تخيّم على منطقتنا، تعيد ترتيب الأولويات الإقليمية وتوجه البوصلة نحو مزيد من الحروب والأجواء الطائفية التي بدأ مداها يتسع، وملامحها تتضح وستتكشف أكثر بمرور الوقت.
وفي ظل توجيه نواة الاستثمارات العربية لخارج المنطقة، فإن التنمية كأولوية وتشغيل الشباب باتا في ذيل قائمة الأولويات. هذه المعطيات توجه ضربة قاضية لخطة مارشال العربية التي طرحت في الإعلام أكثر من مرة، ورأى فيها الخبراء والمحللون بداية حل لمشاكل المنطقة العربية، وتحديدا الاقتصادية والتنموية منها، وما يندرج تحتها من بطالة ملايين الشباب العربي، والمواطن العربي الذي يعاني ظروفا معيشية قاهرة.
ما يحدث حولنا يفرض إيقاعا جديدا للعمل، لا أظن أن حكومة د. هاني الملقي تدرك ماهيته، إذ تتطلب المعطيات الجديدة نظرة مختلفة للأمور وإدارتها، أهمها وجود خطاب حكومي يصل الناس والمجتمع، بحيث يشعرون أن ثمة حكومة قوية تتابع أحوالهم، وأنها مدركة للتحديات وتملك الخطة الوطنية لمواجهتها.
بعد ذلك، تحتاج حكومة الملقي إلى عناوين تُعرف بها، يدركها الناس ويقدرونها، وأهمها إصلاح الخلل في الإدارة العامة، وتخليص البلد من كل العيوب التي لحقت بها على مدى عقود من إهمال إصلاحها، وباتت مصدرا لعديد تشوهات يعاني منها المواطن والمستثمر المحلي والأجنبي على حد سواء.
داء البيروقراطية بات ملموسا حتى من قبل بعض الوزراء الذين يقرّون أن حدودها وصلت إلى تأخير قرارات وزراء وتوجيهاتهم، ما يعكس حجم الإهمال الطويل والكبير، إذ لنا أن نتخيل كم يعاني من هو خارج الإطار الرسمي إن كان هذا هو وضع الوزراء أنفسهم، ما يحتاج إلى عمل حاسم حقيقي في هذا الجانب لم يعد يحتمل التأجيل.
كما على الحكومة أن تقنع الناس بجديتها في محاربة الفساد ما صغر منه وما كبر، خصوصا أن لا شيء يستفز الأردنيين أكثر من الفساد المالي والإداري، بحيث لا يبقى موظف متحكّم بمصائر الآخرين، وما يلحق ذلك من إعاقة للاستثمار و"تطفيشه"، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة. كما لا ينفصل ذلك عن إزالة المعيقات الأخرى في وجه الاستثمار وتوطين القائم منه، بحيث يتسنى للأردن القفز على تأثيرات الحالة الإقليمية الصعبة.
القصد، أن حل مشاكل الأردن اليوم يجب أن نعتمد فيه على أنفسنا، ولملمة بيتنا الداخلي، وتمتين الجبهة الداخلية، لأن هذه هي الوصفة الوحيدة القادرة على مساعدة البلد على تجاوز تبعات الحالة الإقليمية، في ظل تراجع المساعدات العربية لأسباب متعددة.
المرحلة الحالية امتحان حقيقي لحكومة الملقي، إذ عليها أن تعفينا من كل هذه الأمراض وتخفف من حدة المعيقات، وتسجّل سبقا في إصلاح الإدارة العامة، لتأخذنا إلى مرحلة من العمل، وتخرجنا من دائرة الشكوى المستمرة بعيدا عن المزاج الشخصي للبعض، اتكاء على فكرة سيادة القانون.
وعلى الحكومة والمؤسسات التابعة لها أن تتيقن أن عبورنا هذا العام وما يليه من أعوام بسلام يعتمد علينا نحن كأردنيين، وليس على أي طرف آخر، بحيث يكون العمل جادا من قبل الفريق الحكومي بتكامل وليس بتنافسية ضدية كما نسمع بعض القصص اليوم.
زمن خطط مارشال انقضى، وزمن الاعتماد على الآخر بات جزءا من الماضي، والحل يحتاج إلى حكومات بمواصفات وخطط محددة، على حكومة الملقي أن تبحث عنها.
الغد