فوضى المناطق الفلسطينية القادمة
عمر الرداد
24-05-2017 06:21 PM
تتعدد سيناريوهات الوضع المستقبلي للمناطق الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ،ومنذ توقيع اتفاقية اوسلو عام 993 طرحت العديد من المبادرات، ما بين علنية واخرى سرية تمت في عواصم اوروبية وعربية ،كان مصير جميعها الفشل ،لأسباب مرتبطة اساسا بالفجوة الواسعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
واليوم رغم ان عملية السلام مازالت مطروحة على طاولات المباحثات الاقليمية بصيغة الحاضر الغائب اثر تقدم ملفات احتلت أولوية اكبر كملف الارهاب ودور ايران في الاقليم بتغذية الصراع على اسس مذهبية والفوضى التي تشهدها العديد من الدول العربية ، كأحد ابرز مخرجات الربيع العربي، اضافة للازمات الاقتصادية والاجتماعية، كلها تجعل ملف السلام ملفا لا يحتال اولوية كالسابق .
ففي الوقت الذي تتبلور فيه توافقات واضحة المعالم اقليميا ودوليا تجاه مكافحة الارهاب وإيران، تقل هذه التوافقات في ملف السلام ،ويبدو ان ذلك مرتبط بتعقيدات هذا الملف.
من الواضح ان اقصى ما يملكه العرب الان ليطرحوه على الطاولة مبادرة السلام العربية التي طرحها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة بيروت عام 2002 (انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 67 وضمان اعتراف بإسرائيل من قبل الدول الإسلامية ) مقابل مقاربة إسرائيلية من الواضح انها ترفض هذه المبادرة، مؤيدة بدعم دولي متفاوت.
وهكذا فقد افضت كل المقاربات الى تصوير الخلاف بين العرب وإسرائيل على اولوية التطبيع من وجهة نظر إسرائيل واولوية السلام ثم التطبيع من وجهة نظر العرب ، رغم ما يكتنف الاولويتين من عقبات شائكة يبدو ستبقى مؤجلة الى مالا نهاية، ليس اقلها شكل الدولة الفلسطينية الوليدة واستقلالها والقدس والحدود والاستيطان والعودة وكلها ملفات معقدة قابلة لنسف اي اتفاق.
كل المعطيات تدل على انه لن يتم تحقيق اي اختراق جدي في عملية السلام في المدى المنظور ،وربما كان في نتائج لقاءات الرئيس الأمريكي مع نتنياهو وعباس في زيارته لإسرائيل والمناطق الفلسطينية ما يؤكد ذلك، حيث كان واضحا ان ليس لدى الادارة الامريكية مشروعا واضح المعالم للسلام، اذ غلب على تصريحات ترامب عبارات دبلوماسية عامة توحي بان اقصى ما يمكن فعله عقد لقاء بين نتنياهو وعباس.
وبصرف النظر عن صيغة الحل التي من المؤمل الوصول اليها ،فان التجارب اثبتت ان المجتمع الدولي قادر، خاصة في ظل نظام عالمي جديد يتشكل بعودة روسيا الى الساحة الدولية، على المساهمة في انجاز حل تاريخي للقضية الفلسطينية.
لكن يبقى السؤال كم هو وزن هذا الملف ،واولويته.
ربما ان الاوان لان يأخذ الإسرائيليون وعلى محمل الجد مطالب الفلسطينيين بالحرية والاستقلال ،وان يأخذ الفلسطينيون بجدية وواقعية مخاوف الإسرائيليين، وان تجاربهم بالانسحاب من جنوب لبنان وغزة جعلهما مراكز لمنصات صواريخ إيرانية ،وان يتم سحب الملف الفلسطيني من ايدي قوى اقليمية تستخدمه لتحقيق أهدافها.
ان سيناريوهات المستقبل كثيرة وربما السيناريوهات ذات الاوزان الصفرية تصعد ان توافرت ظروف موضوعية لتصبح مؤكدة، لذا فهل سيناريو الفوضى يبدو سناريو محتملا اذا ما تواصلت حالة انسداد الافق، ووصلت الى مرحلة غياب السلطة الفلسطينية ؟