على مرّ التاريخ العربي والإسلامي كان شيوخ «السلاطين» والشخصيات الدينية المقربة من الحكم هم من يتوّلون خط الدفاع الأول عن أخطاء الزعيم وهفواته ويجدون له مسوّغاً مرضياً ومخرجاً ملفقاً حتى تطلع صورته بيضاء من غير سوء، فهو لا يزلّ ولا يخطئ ولا يغفو ولا ينام ولا يلحن في القول ولا يرتكب جريمة لغوية في الإعراب..
في السنوات الأخيرة احتل الناطقون الرسميون باسم الحكومات هذه المهمّة وتراجعت مهمة شيوخ السلاطين كثيراً .
مناسبة هذا الكلام، ما ساقه الناطق الرسمي باسم رئيس جمهورية زيمبابوي عندما برر الهجوم الإعلامي على الزعيم التسعيني «موغابي» الذي ضبط اكثر من مرة نائماً في اجتماعات هامة للغاية يحضرها رؤساء أفارقة وعالميون كان آخرها المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد لمناقشة اقتصاديات «الدول الهشّة».. ونفى الناطق الرسمي أن يكون موغابي قد نام أو كسر غفوة والعالم مشغول في نهوض اقتصاديات دول افريقيا الفقيرة وقال: (كل ما حدث ان الرئيس أغلق عينيه مدّة طويلة خلال الاجتماعات من اجل اراحتهما وليس من اجل النوم).
وعندما ذكّره بعض الإعلاميين أن هذا الأمر تكرر أكثر من مرّة وأكثر من اجتماع وعلامات النوم بدت واضحة قال الناطق الرسمي: (أشعر بالإحباط عندما تحدث مثل هذه التأويلات التي تتحدث عن نوم الرئيس خلال المؤتمرات- ليس الأمر كذلك.. الرئيس يتحسس من الأضواء الساطعة انها تؤذي عينيه).. وقد تناسى الناطق الرسمي أن ثمة اختراعاً اسمه النظارة الشمسية توصّل اليه الصينيون منذ القرن الثاني عشر لحجب الأشعة الضارة والساطعة.
لماذا يعتقد الناطقون الرسميون في دول العالم الثالث وما دونها أن عليهم تجميل كل شيء قبيح ورفعه الى مستوى المثالية، لماذا لا يعترفون بالخطأ والسهو وأن الزعيم أو رئيس حكومة ليس آلهة أو سوبر مان ينعس وينام ويتعب ويصدر قرارات خاطئة.. أبداً ليست هذه مهمّة الناطق الرسمي ان يصبح خبير تجميل، الناطق الرسمي يتعامل من موقعه بمصداقية ومهنية وعندما لا يعرف فليقل لا أعرف.. أو يتركها دون تعليق أجمل.
الرأي