مجزرة المرور التي جللت عيدنا بالسواد
المحامي محمد الصبيحي
10-12-2008 10:23 PM
بداية أسمحوا لي أن أتقدم باحر التعازي الى الوطن والى عائلات الضحايا الذين سقطوا في مجزرة المرور التي جللت عيدنا بالسواد , وأخص بالتعزية والمواساة زميلنا المحامي الاستاذ أيمن عودة وزير العدل الذي أمتحنه الله تعالى وهو على جبل عرفات بفقدان أبنه مهدي رحمه الله .
لم يكن العيد عيد الاضحى فقط وانما عيد الضحايا , ضحايا حوادث السير التي أعيانا مواطنين ومسؤولين أيجاد حل يخفف من وطأتها وضحاياها , كلنا يبحث عن السبب وكثيرون يجترحون الحلول فمن قائل أن الخلل في القانون الى قائل بأن العلة في الشوارع الى قائل بأن السبب ضعف الثقافة المرورية , شددنا العقوبات في قانون السير , ثم ضاعفنا البرامج والندوات والمقالات التي تنشر الثقافة المرورية , وأنطلقت وزارة الاشغال لمعالجة النقط السوداء في الشوارع , ومع ذلك ما زلنا نفجع كل أسبوع بمجزرة تحصد زهرات شبابنا , وهنا نطرح السؤال أين الخلل ؟؟
باعتقادي أن القضية الاساس ليست في القانون ولا في الشوارع ولا الثقافة المرورية , فمن منا لايعرف أن قطع الاشارة الضوئية الحمراء مخالفة خطرة ؟؟ ومع ذلك نشاهد كل يوم عشرات السيارات لايحترم سائقوها الاشارات الضوئية ؟! ومن منا لايعرف أن السير بعكس اتجاه السير مخالفة خطرة أيضا ؟؟ ومع ذلك أعرف شوارع في عمان تمر منها كل يوم عشرات السيارات بعكس اتجاه السير ومثالها الشارع المار أمام مدخل صحيفة الرأي على مرأى من الصحافة ومع ذلك لا أحد يحرك ساكنا ؟! ومن منا لايعرف أن عدم التزام المسرب قد يتسبب بحادث بل ويتسبب كل يوم بعشرات الحوادث ؟؟ ومع ذلك نشاهد عشرات السيارات ومئات التاكسيات لايحترم سائقوها مسارب الشوارع ؟!
من منا لايعرف أن السماح لقاصر لايحمل رخصة سوق بقيادة سيارة لمباهاة رفاقه جريمة عقوبتها السجن لمدة أسبوع ؟؟ ومع ذلك يسمح أباء أثرياء لأبنائهم المدللين بالتنزه في سيارات فارهة وأستعراض فنونهم أمام المارة والفتيات , وكان أخرها الحادث المروع الذي أودى بحياة اربعة من القاصرين في العقبة بينهم أبن وزير العدل !! , أفلا يكون أولى بالمحاكمة كل أب يسمح لطفل بقيادة سيارة ؟؟
القضية الاساس قضية اخلاق مرورية وأخلاق انتماء للبلد بعدم أحترام قانونها الا حين يكون الشرطي واقفا .
لاتستطيع مديرية الامن العام أن ترسل شرطي مرور مع كل سيارة ومن هنا فاننا بحاجة الى أعادة النظر في قضية حوادث السير برمتها , نحتاج الى ابتكار حلول جديدة وأفكار جديدة لعل منها أعادة النظر في نظام ضبط وأستيفاء مخالفات السير بابتكار آلية جديدة للأبلاغ عن المخالفات الخطرة تحت القسم بحيث يصبح كل مواطن صالح رقيب سير , ولدي مقترح قانوني مفصل بهذا الخصوص .
نحتاج الى الاحتكام الى أخلاقنا العريقة وأن نضع أنتماءنا الى وطننا أمام أعيننا طوال نهارنا وليلنا .
وأرجو ألا نحتاج الى مزيد من الاحزان والدموع قبل أن نعيد قطار الاخلاق الى مساره الصحيح.