تستطيع دول مثل كندا وألمانيا أن تتحدث براحة عن تمكين اللاجئين بإعتبارهم موارد وليسوا أعباء , فهذه الدول تعاني إما نقصا في عدد السكان أو فجوات كبيرة بين الأجيال وهو ترف لا يملكه الأردن.
من هنا نقرأ تصريحات المسؤولين في تلك الدول ممن شاركوا في أعمال المنتدى الإقتصادي عن ضرورة معالجة قضايا اللاجئين عبر التمكين والتعليم والتدريب وتوفير فرص العمل ودمجهم في اقتصاديات المجتمعات المضيفة وتوطينهم الى الأبد لإنقاذ أجيال قد تصبح مفقودة.
لكننا لا نتفهم أسباب الضغط الذي يمارسه المجتمع الدولي على الأردن للتعامل مع قضية اللاجئين بأكثر من طاقته ومن ذلك السعي الى تمكينهم ومنحهم حقوق مواطنة إقتصادية وإجتماعية تقود حتما الى حقوق سياسية يوما ما , الا إن كان الهدف من هذا الضغط والإلحاح المستمر هو تبرير التقاعس عن الدعم والإلتزام بالتعهدات أو لتبرير حاجة تلك الدول الى مثل هذه الطاقات البشرية لملء أراض غير مأهولة أو لإغلاق فجوة التقاعدات للتفاوت الكبير بين الأجيال.
فتحت ألمانيا الباب أمام موجات كبيرة من الهجرة و تفوقت من وجهة نظر العالم في إنسانيتها على بلاد العرب التي أخفقت في الإختبار الإنساني فأوت مليون لاجئ سوري ولا زالت الطائرات تمد كندا بأعداد أخرى فلماذا يا أيها الأردنيون تغلقون حدودكم في وجههم ؟.
كانت هذه هي نقطة الخلاف التي عبر عنها وزير التخطيط عماد فاخوري وإستعمل تعبيرا أصبح دارجا « وصلنا حد الإشباع « لمواجهة هذه الضغوط , وهي ذات النقطة التي دخلنا معها في جدل مع محدثنا في منظمة الهجرة الدولية في جنيف الذي جعل من التجربة الألمانية مثلا يحتذى في التعامل مع اللاجئين ووجهة نظرنا تلخصت في أن ألمانيا تحديدا مهددة بإنخفاض كبير في تعداد السكان في عمر العمل، مع انخفاض السكان ممن هم بين 24 و64 سنة من 49 مليونا إلى ما بين 34 مليونا و38 مليونا.
ويتوقع أن يزداد عدد السكان فوق سن 65 سنة من 17 مليونا إلى 22 أو 23 مليونا ما سينتج عنه فجوة عمرية سيبدو أثرها واضحا في إختلالات أنظمة الإعالة والضمان وعجز قوى الإنتاج عن تمويل الإعالة بسبب الفجوة العمرية ولتعويض الانكماش السكاني بسبب تنامي أعداد كبار السن يجب تشجيع الهجرة المنتقاة وخاصة القوى العاملة والمنتجة وهي متوفرة في صفوف الشبان المهاجرين من السوريين.
سوريا خسرت ملايين الضحايا بين قتيل وجريح وهجر لكنها بلا أدنى شك خسرت أفضل ما في ثرواتها وهي قواها البشرية التي إستغرق بناؤها سنين وثروات. وعلى الأرجح أن هؤلاء لن يعودوا اليها حتى لو عم فيها السلام فهي بعد حين ستصبح بلد الأصل التي يتذكرها أبناؤها بشيء من حنين يذوب في أتون مكابدة الحياة.الراي