كادت عناصر الدولة الامريكية العميقة ان تجهز دستوريا على الرئيس الامريكي ترامب قبل ان ينهي ايامه ال120 الاولى في البيت الابيض على خلفية شكوك لها ما يدعمها حول تدخل روسي واسع النطاق في الانتخابات الامريكية ادى الى فوز ساحق غير متوقع لترامب امام منافسته الشرسة هليري كلينتون الابنة المدللة الدولة العميقة بكل مكوناتها.

خسر ترامب في صراعة مع الدولة العميقة كل دفاعاته التكتيكية وسقطت خطوط الدفاع واحدا بعد آخر امام حملات قانونية واعلامية عالية التنظيم والدقة، مما ادى الى فقدان ترامب لتوازنه الدينامكي امام الخصم فلجأ الى اقالة مدير "الاف بي اي" وهو الشخص الذي يقود التحقيقات في الموضوع الروسيلتشكل تلك الاقالة "غلطة الشاطر" بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ولم يتبق امام ترامب الا اللجؤ لاخر خط دفاعي استراتيجي لعل تحولا ما يحدث ويمنحه بعض الوقت لإعادة ترتيب دفاعاته المتهاوية امام الخصم الشرس.

ولعل من اكثر المفارقات دراماتيكية ان يرتبط هذا الخط الدفاعي الاستراتيجي الاخير عن ترامب بالعرب والمسلمين الذين تلقوا اقذع وابشع اشكال الاساءة اثناء حملة ترامب الانتخابية منه شخصيا ومن كبار اعمدة حملته الانتخابية مما اثار حالة غير مسبوقة من الهلع في النظام الرسمي العربي.

فجأة يقرر ترامب القيام بجولته الاولى كرئيس خارج بلاده، وبدلا من ان يبدأ تلك الزيارة باحدى الدول الاوروبية المهمة كما جرت العادة، قرر ان يبدأ بدولة عربية اسلامية يتبعها مباشرة اسرائيل ثم التوجه الى اوروبا. انها المرة الاولى التي يظهر فيها ترامب وهو يرد الصاع صاعين للدولة العميقة ويوجه اولى لكماته اليها.

كما لم يتمكن اي رئيس امريكي في التاريخ قبله، استطاع ترامب ان يجلب الى امركيا ما يقارب نصف ترليون دولار دفعة واحدة ليشير للمواطن الامريكي الا انه صادق في وعوده بتحسين اداء الاقتصاد الامريكي وخلق وظائف وانه يعرف تماما مع يفعله للإيفاء بتعهداته اثناء الحملة الانتخابية. اي ان الرساله الترامبية للامريكين تقول انسوا ما جرى في الانتخابات، ان ما يجب التركيز عليه هو كيف نحصل على اموال لتفعيل عجلة الاقتصاد وتحسين مستويات المعيشة.. انها الافعال الضخمة لمصلحة امريكا التي يجب ان تولوها الاهتمام بدلا من التركيز غير المفيد على كيف وصلت الى البيت الابيض.

460 مليار دولار قيمة ما ستضخه السعودية في الاقتصاد الامريكي خلال السنوات الاربعة القادمة، ولادراك ضخامة حجم هذا المبلغ، لنتأمل القيمة الفعلية له: ان هذا المبلغ يعادل شراء 11250 طنا من الذهب سنويا اي ما يعادل حمولة اربعة الاف شاحنة من الذهب حمولة كل منها ثلاثة الاف طن.

هل سينجح ترامب بمساعدة العرب والمسلمين له على الصمود واستعادة زمام المبادرة في صراعة العنيف والمصيري مع الدولة الامريكية العميقة ؟

ننتظر ، لنرى !!