"السجن كان أسوأ تجربة في حياتي، كنت مكسورة، بعيدة عن أبنائي، ولم تكن ابنتي الصغرى قد بلغت عامها الرابع بعد. ومع استحالة السداد شعرت أن إقامتي في السجن ستطول" بهذه الكلمات البسيطة كتبت احدى الحرائر قصتها لتحفر على جدار الزمن مأساة مئات الاردنيات يقبعن الان خلف قضبان السجن بعدما كسرت مشاعرها كأم وكحرة شريفة.
قصة الغارمات مفادها ايضا بأن الحاجة دفعت العديد من النساء للاقتراض للحصول على قليل من المال يكون سبيل لمشروع صغير تعتاش منه وعائلتها وعند تعثر المشروع الصغير تفاجأت بحكم المحكمة بالسجن عليها ،فوجدت نفسها قابعة مهانة خلف القضبان الحديدية تاركة خلفها اطفال واولاد اصبح الشارع مصيرهم وما ادراك ما الشارع ؛ مخدرات وتعاطي وحدث بلا حرج .
قصص تشيب لها الولدان وتسود لسماعها الوجوه ، نعم انا اتحدث عن المرأة كل المجتمع فاذا ما اكرمت اصبح حالها حال لا يرضاه احد اطلاقا مهما كلفت الاسباب، مسألة خطيرة يلزم التوقف عندها وحلها من جذورها حتى تبقى الحرائر كريمات بمحتمعنا لهم مكانتهم وتقديرهم كآم واخت وزوجة وابنة.
هناك نساء سُجِنّ بسبب مبالغ لا تتعدى 200 دولار ، و سيّدة سجنت لأنها لم تتمكن من سداد ثمن ماكينة الخياطة، وأخرى سجنت بعدما فشل مشروعها في تربية الدواجن واخرى تربية اغنام ..الخ ، السعي وراء تأمين لقمة العيش دفع العديد من الحرائر للتوجه لصناديق الاقتراض املة منها فك عسرها واذا بالامر توريطة ، عجز عن السداد والنتيجة اصبحت غارمة.
وأرى أن تطبيق مبدأ "الوقاية خير من العلاج" هو الحل الامثل لهذه المشكلة التى لو استمرت لشكلة وصمة عار على جبين المجتمع ككل وعلى جبين الرجولة والبشرية، ينبغي أن تتولى وزارة التنمية الاجتماعية التخطيط لجهود ممنهجة وغير نمطية وقابلة للتطبيق على المدى القريب والمتوسط والبعيد، يتم فيها توحيد جهود الحكومة وجهود الأفراد ومؤسسات المجتمع المدنى لتوفير المشروعات الصغيرة والوظائف المناسبة للقضاء على ظاهرة وجود غارمات من الأساس.. إن الحل الدائم والنهائي لهذه المشكلة سيعود على كل الدولة بمكوناتها بالنفع الكبير ومن شأنه حفظ الحرائر والمكانة التي يحضون بها. نحن نتحدث الان عن قضية مصيرية بنيوية تنموية شرفية اقتصادية سميها ما شئت قضية المجتمع وامه وعماده ، فاذا ما تدارسنا المشكلة ووضعناها على جدول الاولويات لسرنا الى الطوفان ، نحن نتكلم بلغتنا وقيمنا واخلاقنا عن المرأة الاردنية المعروفة بشموخها وشيختها ومكانتها فاذا ما تداركت الجهات المسؤولة حل هذه المشكلة فالامر سيزيد سوءا وسوادا..ومن هنا فاتقدم ونثمن عاليا مبادرة صندوق الزكاة والمتبرعين افرادا ومؤسسات لفك اللغز وتحرير هؤلاء الحرائر من قيد الصناديق حيث اصطدم المتبرعين باجراءات شرسة من قبل المقرضين للحيلولة دون اخلاء سبيل الغارمات واقول بهذا المقام ان الامر يجب ان لا يترك لفتوى الصناديق فقط وفتكها بالغارمة فهناك جهات رسمية ينبغي اخذ دورها وحل القضية حالا ودون تردد ؛فالمسألة قضية مجتمع باكمله. وقد فتح هنا بهذه المسألة تحديدا الباب على مصرعيه بوابل من الاسئلة التي تتركز حول ماهية هذه الصناديق والمكاشفة بغاياتها واسرارها والوقوف عند تراخيصها ونشاطها.
بالختام مكانة المرأة عظيمة وهي التي صنعت تاريخ دول وامم فلا يجوز ان نقبل ببلد مثل الاردن بقيمه وشهامة ابناءه الجور على المرأة؛ اما وصانا بالنساء خيرا رسولنا الكريم وقال "اوصيكم بالنساء خيرا" واخرى وصفهم بالقوارير ..ببلد ابا الحسين ينبغي الا تضام حرة .