إسرائيل الكيان الذي نشأ كدولة موعودة عام 1948 هي الدولة الأقوى عسكريا في شرقنا الأوسط ،وها قد أًصبحت الأفضل و المفضلة لدى غالبية دول العالم إن لم يكن جميعها في هذا الغرب الأسيوي، ومع ذلك فهي جارة عنيدة لنا جميعا وتمتلك قدرة متطورة للحفاظ على كيانها ومؤسستها المدنية والعسكرية وأدواتها الرقابية وديمقراطيتها الخاصة بها، ومع ذلك نغمض أعيننا جميعا كعرب عن الحقيقة، إنها دولة موجودة شئنا أم أبينا، ويحميها النظام العالمي إذا لزم الأمر، وأنظمتنا تنهار، فماذا نرى في ذلك «الكيان المتعملق»والدولة المختلطة التي يحكمها رهط صهيون لإخضاع العالم لأوامرهم.
لا نزال نرى أن إسرائيل هي قوة مغتصبة لأرضنا،ومحتلة لبلادنا ومقدساتنا وهذه حقيقة واضحة، ولا نرى منها اليوم بعد تسع وستين سنة عجفاء، سوى جيشها القوي وتسليحها العالي وقوتها العسكرية الفتاكة التي تطارد بها أطفال وصبية ونساء في شوارع القدس والضفة وغزة وتقتلهم كما لو أنهم أفاع وسط الحشائش،ولكن لا نقارنها بما يحدث في بعض دولنا التي تقتل أنظمتهُا شعوبها بأسلحة أثمانها من جيوب وثروات الشعوب.
لا نرى في إسرائيل سوى صهاينة يهود جاءوا من أقصى بقاع الأرض وبينهم القليل من يهود العرب ليجتمعوا في أرض الميعاد الكاذب،ولكن لم نر كيف بنى أولئك الغزاة دولتهم على جماجمنا بكل همة ونشاط، وأشادوا الصروح وتسابقت الفتيات والنساء يدا بيد مع الشباب والرجال الكهول في عمليات البناء والإعمار وفتح المدارس والإنخراط في معسكرات التدريب العسكري وقتال العصابات، والإنتماء الى عصابات الهاغانا وشتيرن وغيرها، وكيف أصبح الشعب كله تحت السلاح وجميعهم يخضع للخدمة العسكرية حتى مزدوجي الجنسية والعائلات العربية.
فقط هم طلاب المدارس الدينية اليهودية الذين لا تنطبق عليهم أوامر الخدمة العسكرية، فهم يحترمون المتدينين والحاخامات ويرون فيهم مستقبل عودة «المكابيين» القدماء ليقيموا إحتفالات نزول السيد المسيح عليه السلام، ونحن لا نرى أي تقدير لطلاب المعاهد الدينية إلا إذا كانوا من المسبحين بحمد المسؤولين والقادة،والمتدينين لم يعودوا ذوي قيمة، إلا في أبحاث مراكز الدراسات التي تمول من الغرب فيما يخص مكافحة الإرهاب و مراقبة الشباب المتدين.
نحن لا نرى في إسرائيل إلا جيشا معاديا يحمل السلاح متأهبا، ولكن لا نعلم أن صناعاتهم العسكرية تتفوق على آبار النفط التي تضخ الذهب الأسود من تحت أقدامنا لشراء السلاح الذي لا نعرف إستخدامه إلا ضد بعضنا بعضا، فيما أصبحت إسرائيل من أقوى وأفضل الدول تقنية في الصناعات العسكرية والحربية والتجسسية وأنظمة الرادار والتطوير على الطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار، وتمكنت خلال زمن، كان العرب يسبحون فيه لملذاتهم، من أن يفتحوا أسواق شرق آسيا والهند وأفريقيا، بل ودول عربية !
إسرائيل التي لا نعرفها إنتصرت في كل معاركها مع العرب وهزمت أنظمة النظريات الإشتراكية والحزبية القطرية والإذاعات الكاذبة والرئاسات المصابة بعقدة الزعامة الجديدة القادمة من الترعة الى قصور القبة،والسبب أن جيشها كان يحارب في معركة الوجود وجيوش العرب تحارب بحثا عن الحدود،جيشها يخرج بمباركة الحاخامات وجيوش العرب يخرجون بمباركة وردة الجزائرية وجعجعة أحمد سعيد، فكيف أصبحت هي وملايينها الستة، وكيف أصبحنا نحن بملايينا الثلاثمائة مواطنين بائسين ؟
لقد أصبح الكيان الصهيوني واحدا من دول العالم الأول، متفوقا في العلوم والطب والزراعة والجامعات والتطبيقات السياسية والعدلية والديمقراطية فيما هبطنا جميعا الى ذيل قوائم التنافسية العالمية،وعلماؤها الذين جاء آباؤهم من أوروبا أصبحوا رياديين في خدمات الطب والإختراعات والصناعات الكبرى،ونحن أنفقنا تريليونات الدولارات على قصور مشيدة وآبار معطلة، وعدنا دولا متخلفة يتمنى أهلها لو عادوا الى عصر الجاهلية الأولى،علّ شاعرهم يدلهم على كريم يقرّي الضيف ويغيث العاني والملهوف.
اليوم ستختتم فعاليات المنتدى الإقتصادي العالمي للمرة التاسعة على الشاطىء الأردني للبحر الميت، وهذا يجب أن يكون إنجازا ينقلنا الى المراتب المائة الأولى في إستثمارات واقتصاديات العالم،ولكن لأن عورتنا السياسية العربية أكبر من أن تستر، وتخلفنا الإجتماعي بات يستدعي فرق إنقاذ متخصص بالعلاج النفسي، فلن يتغير شيء سوى للأسوأ، فيما نحن نشتم الكيان الصهيوني،ولا نستطيع أن نُرضخ الحكومات الإسرائيلية للقبول بأقل مبادراتنا الكبرى للحل النهائي الذي لن يأتي ونحن نحارب بعضنا، ونتذرع بإسرائيل التي لا نريد أن نعرف كيف انتصرت على العالم.
Royal430@hotmail.com
الرأي