الفكرة الرائدة التي انتهجتها وزارة التربية والتعليم مشكورة- بتوزيع فيتامينات على طلاب المدارس لابتلاعها عند طابور الصباح - فكرة عبقرية ، لا بل ان مبتكرها يستأهل "بوسة" بين عينية، فطلبة اليوم هم رجال المستقبل غدا وحماة الديار ، ومن الواجب الحفاظ علي مستوى ذكائهم وحصولهم على القسط الكافي من الفيتامينات والتي قد لا يجدونها في الغذاء اليومي كالحمص والفلافل والمجدرة ، لا اعلم على وجه الدقة كم " حبة" فيتامين ينبغي للطفل أن يبتلع لكي يحافظ على مستوى الفيتامين متوازنا في جسده، ولكني تساءلت مرارا بل تمنيت على مبتكر هذه الوصفة إضافة حبة " فيتامين مهدئ " إلى مجموع الحبات ، لا اعتقد أنها سترهق ميزانية المشروع الرائد وعطاءه ، وبهذا ستكون باكورة هذا العمل متوازنة لجسد وعقل وأعصاب الطالب و أعصاب أهله.

بالأمس كان لي نقاش مع ابني ذي الستة أعوام ، لقد تذمر مني ومن أمه ومن المدرسة ومن مصروفة ومن معلمته ومن وزير التربية ومن كل هذه الحياة ، حتى انه هدد بالخروج من المنزل إذا لم نصوب أوضاعنا خلال عدة أيام ، إذا فالمشكل ليس فيما سيواجه الطفل مستقبلا فهو لا يزال طفلا ، إنما في نظرته ا إلى الواقع حوله ومن طبيعة هذا الواقع الذي يؤثر فيه. سينمو الطفل وفي فمه ملعقة من التذمر والشكوى، سيكبر وتكبر معه عقده التأوه والشتم لسبب أو لغيره ، سيخالف كافة الطوابير المنهجية واللامنهجية، سيتأخر بدفع فاتورة التلفون، وسيتهرب من ضريبة الأبنية والضرائب الأخرى التي تفرضها أمانة عمان و دائرة الأراضي والأوقاف، وسيصاب جابي شركة المياه بخيبة أمل عندما يكتشف " الماسورة" المخفية ، وسيلعن ابني حظه في كل يوم من أخر الشهر عندما يوزع راتبه هنا وهناك، وسيتحول مثل غيره هنا إلى شخص عصبي لا تستطيع التجاوز بسيارتك عن سيارته وإلا ستنالك منه قنوة ام دبابيس ، في النهاية ،،، ما الحل ، لا بد هنا من التدخل الحكومي!

لن أطالب الحكومة بزيادة الرواتب ومستوى الرفاه الاجتماعي او تخفيض الأسعار –لاسمح الله- فانا اعرف بان ابني لن يكف عن التذمر أيضا، إنما أطالب بزيادة الحبات إلى حبة وبحسب الحالة، حبة واحدة من احد المهدئات الجميلة كفيلة بأن تغير وجهة جيل باكمله وستحل مشكلة شعب يحتاج إلى الهدوء والدعة، يحتاج إلى الابتسام ، يحتاج الى المصالحة مع النفس والغير وطولة البال، ولا ضير ان تصرف هذه الحبوب على المحال التجارية والبقالات، وان يصار إلى تعميمها على الجامعات بشقيها العام والخاص وعلى الوزارات ومراجعيها وعلى معلمي المدارس و سواقي التكسي والباصات وبخاصة خط الزرقاء-عمان .

أخي المواطن ، أختي المواطنة ، إذا كنت من المتخوفين من اخذ "حبة" فاسأل طبيبك فانا أراهنك انك ستجدها "بجيبة" قميصه العلوية، تحياتي لك وكل عام وأنت هادئ.