الدافع وراء تلفزيونات الواقع
11-04-2007 03:00 AM
سابقا كان التلفاز المحلي يقدم ما هو معروف لدينا من مسلسلات، كنا نعرف متى يصدق المخرج ومتى يدخل عالم الخيال ، وحتى الدعايات ندرك صدقها وخداعها ولكن الآن مع وجود ما يقارب( 1000قناة فضائية في مجموع الأقمار التي تبث على منطقة الشرق الأوسط ) أن الأوان أن يقف الوالدان كحراس ناصحين لا مشفرين ، لما يدخل لعقول أبنائهم من فيروسات إعلامية تفسد أوقاتهم و أموالهم ولا يمكن أن نقف عاجزين ونحن نشاهد فلذات أكبادنا ضحايا للاكتساح الإعلامي وابناءونا غير قادرين على تمييز الغث من السمين و يفضلون بإرادتهم الغث و يستهزؤن بالسمين! أكثر البرامج التي تعرض حاليا وتعاد على نفس شاكلتها المملة هي برامج تلفزيون الواقع أو التي تعرض بث حقيقي غير ممنتج لبعض التجمعات الشبابية في سكن ما لتحقيق هدف ، وهي نسخ عن برامج أجنبية يعاد تقليدها ، بمحاولة فاشلة للتخفيف من ما يحصل في البرامج الغربية، كانت تلك البرامج في بداياتها جميلة وغريبة أن تشاهد الشباب والشابات يجلسون ويلعبون ويتعلمون وكيف تطور مواهبهم ،ولكن فيما بعد صارت تكرر بنفس الشكل ليعرف الطابع أنه مادي يستغل" المسجات" التي يرسلها مشجعوا "الميميوزنيز"، حتى أن برنامج الستار أكادمي حصد في الحلقة الأخيرة ثمانية ملايين رسالة لتشجيع بطلة العراق شدى حسون.
قبل عامين حصلت في الأردن ظاهرة غريبة ، توقعت أن يقف علماء الاجتماع والأسرة وما أكثرهم في بلادنا أمام الطفل الذي اخذ ( ولا أريد أن أقول سرق ) راتب والده من أجل التصويت لحبيبة مشارك أردني في البرنامج.
كيف تمكنت وسائل الأعلام التجاري من مسح عقل الطفل يشاهد عناء والده صباحا ومساءَ ويراه وهو يُحضر الطعام ويقدم المصروف اليومي له ولإخوانه ، و معاناته عند تسديد أجرة بيت وفاتورة الكهرباء أو الخ... وينسى كل هذا ويأخذ راتب والده الشهري من اجل شراء بطاقات خلوية ليصوت لحبيبة مرشحه،ومع ذلك تمكنت إدارة البرنامج من إظهار حالة اجتماعية سلبية ويتحول الولد المخطئ إلى بطل تستقبله معدة البرنامج كبطل على مسرح ستار أكاديمي .
فتلك البرامج لا تحمل هدفا ,أو تجديد ولا تسد فراغ أصلا فقنوات الغناء تكاد تنفجر من كثر من يدعي الغناء .
و معظم الذين حصلوا على المرتبة الأولى لم يصبحوا مطربين بل استغلت شهرتهم ليكونوا مقدمي برامج تسلية أو ممثلي أفلام.
والذي يستر فيه على ضألة أصواتهم الاستعانة بمطرين ومطربات محترفات مثل هيفاء وهبي وأليسا واللواتي يأخذن أجورهن كاملة من أموال أولادنا .
أما عن اختيار المشاركين فيتم اختيارهم من بعض الدول العربية، و إدخالهم إلى الأكاديمية وتوضع كاميرات في كل الأماكن لتنقل صور حية عن طريقة حياة طبيعية دون مخرج أو إعداد مسبق وطبعا الجمهور العربي الذي مل الأفلام والمسلسلات والأخبار فكان الشيء الملفت للانتباه هذا النوعية الجديدة على حياتنا وجود هؤلاء الشباب والفتيات وهم الفئة المفضلة حيث يعيشون وكأنها حياتهم الطبيعية، ت طبعا هذا ما يعجب المراهقين سيما الإناث، واللواتي هن الفئة العمرية الأكثر جلوسا أمام التلفاز ليصبح لكل شاب معجبة ولكل فتاة معجب تستنزف رصيد هاتفه لتظل "معجوبته" في البرنامج، بعد أن يتم في وسط الأسبوع الإعلان عن أسماء المتنافسين.
يوم الجمعة تجلس العائلة بأكملها حول التلفاز ويمنع الأب من اقتراب على قناة إخبارية وتبعد الكنبايات وتفرغ الساحة القريبة من التلفاز ومن ثم استعراضات جميلة وأخرى ليس لها معنى والله يستر على صوت هاني شاكر وعاصي الحلاني اللذان يخففان من الضياع الصوتي للحفلة، وثلاثة أرباع البرنامج تضيع على الإعلانات التجارية وقبل الإعلان عن النتائج نسمع تلك الموسيقى التي تشعر بالانفعال لاختيار ومن ثم اختيار الفائز وبعدها تقفز مشجعة الناجي والحمد لله أن الفصل شتاء ولا يوجد مراوح بالسقف وتذهب للبكاء والنوح والمعجبة "بالمكحوش" تذرف دمعة الوداع ، أما الأم المسكينة فتقضي الليل في تخفيف من فرح تلك ومسح دموع الأخرى ومن الأحد إلى الثلاثاء تكون أحاديث طلابنا وطالباتنا في المدارس والجامعات حول من ظلم ومن يستحق وهذا لمدة أربعة اشهر حتى يفوز.
وأخيرا اطرح هذا السؤال هل تستحق تلك الحركات المكررة أن نشاهدها كل عام بعد إجبارنا من أبناءنا المرهقين على حضورها وتلك الحركات الرياضية وفتاة تلاعب البغاء ستارك ومن ثم ديك وجاجة و ارنب وبعض الحركات الرياضية على شكل دروس ودروس أخرى لمدة أربعة شهور ( هاهاها هوهوهو هي هي هي ) لم تحسن من صوت احد أن ندفع عليها الملايين من جيوب الأمة العربية.
انصح كل المصوتين أن يوفروا أموالهم ويشاهدوا هيفاء وهبي على قناة روتانا مجانا أحسن لهم واحضروا أيها الآباء والأمهات فأن أبنائكم في مرحلة انتقالية صعبة .
omar_shaheen78@yahoo.com