أكثر من 200 ألف جهاز كمبيوتر حول العالم ضربها فيروس"الفدية الخبيثة" الذي وصفه الخبراء بأخطر عملية قرصنة "هاكارز" في التاريخ. شركات عملاقة ومؤسسات مصرفية ودوائر حكومية تعطلت أنظمتها بسبب الفيروس. وبالأمس تواردت أنباء عن إصابة أجهزة صراف آلي تابعة لأحد البنوك بالفيروس، في وقت أعلنت الأجهزة المختصة بالأمن الإلكتروني حالة التأهب القصوى لمواجهة الفيروس.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصف الفيروس بالعفريت الذي يخرج من قمقمه، وحمّل الولايات المتحدة المسؤولية عن انفلاته.
مع الأخذ بعين الاعتبار الاتهامات بتورط روسيا في عمليات قرصنة عالمية، إلا ان بوتين لم يجانب الصواب في تصريحاته، فقد ذكرت شركة مايكروسوفت بالأمس، أن ثغرة أمنية في نظام التشغيل "وندوز" كشفتها دوائر الاستخبارات الأميركية وتسترت عليها لاستغلالها في عمليات تجسس عالمية، وتمكّن القراصنة من الوصول إليها بعد تسريب "ويكيلكس" لوثائق رسمية أميركية خلال السنوات القليلة الماضية، واستغل هؤلاء الثغرة المسربة لتطوير رسائل خطيرة لتعطيل أنظمة الحواسيب مقابل طلب فدية لا تتعدى 300 دولار يتم تحويلها بواسطة نظام العملة الافتراضية.
لقد كشفت الوثائق الأميركية المسربة العديد من الثغرات الأمنية المسربة التي تم التستر عليها في أرشيف الاستخبارات التي يمكن سرقتها من قبل القراصنة واستغلالها لتدمير شبكات الكمبيوتر حول العالم.
وقالت مايكروسوفت إنه قد يحدث سيناريو مشابه مع الأسلحة التقليدية، ليجد الجيش الأميركي أن صواريخ توما هوك مثلا قد سرقت منه، وأصبحت بيد جماعات إرهابية.
مع كل عملية قرصنة جديدة، يظهر"الهاكرز" قدرات إضافية فائقة على اختراق الأنظمة الأكثر تحصينا في العالم. العملية الأخيرة تنبئ بتطور خطير في وسائل القرصنة سيترتب عليه في المستقبل محاولات مدمرة، تعرض حياة ومصالح ملايين البشر للخطر.
يقول الخبراء إن فيروس الفدية ينتشر بسرعة قياسية غير مسبوقة، وينتقل من الأجهزة المصابة إلى السليمة دون أن يشعر به المستخدمون. ورغم محاولات "مايكروسوفت" لسد الثغرة الأمنية منذ أشهر إلا أن ملايين المستخدمين لم يقوموا بتحديث أجهزتهم لتفادي الفيروس الخبيث.
في كل الأحوال؛ العالم مقبل على تهديد لايقل خطورة عن التهديدات المناخية والإرهابية، ويتمثل بحروب القراصنة لتدمير شبكات الحياة الالكترونية، ولم يعد مستبعدا توظيف الدول لهذا الصنف من الأسلحة الفتاكة لتدمير خصومها، وضرب الدول المعادية، وشل قدراتها تماما.
العالم الافتراضي للبشرية بات بخطورة العالم الواقعي؛ حروب واسلحة مدمرة، شبكات تنهار بفعل الأسلحة الفيروسية، ومصالح تضيع ودول عملاقة يمكن أن تتحول برمشة عين إلى كيانات هشة غير قادرة على حماية نفسها، أو الدفاع عن مصالح شعوبها.
ذلك ما استدعى خبراء الإنترنت إلى المطالبة بمفاوضات عالمية على مستوى سياسي للتوصل إلى اتفاقية عالمية تضمن تعاون الدول والتزامها بمحاربة القرصنة الإلكترونية، وضمان أمن وحماية المعلوماتية، وعدم التستر على الثغرات في أنظمة التشغيل للحواسيب.
البشرية لم تتوقف عن خوض الحروب دفاعا عن وجودها. هذه المرة تستعد لحرب غير مألوفة ميدانها الفضاء الإلكتروني.
الغد