هل الإعلام الأردني سلطة في مواجهة الفساد أم في خدمته ؟ هذا السؤال المتأخر يحتاج إلى تصويب . فقد أصبح الإعلام قوّة كبرى وهو جزء من القوة السياسية والقوة الإقتصادية والقوّة الاجتماعية . في المجتمعات المعاصرة تضخمت قوّة الإعلام ولم يعد سلطة هامشية متغوّل عليها من قبل السلطة التنفيذية والقوة التشريعية والقوّة القضائية. لقد تحرر الإعلام وتشكّل في منظومات فعل وتأثير مثل وسائط التواصل الإجتماعي (ما يسمى : سوشال ميديا) مثل تويتر و فيسبوك و يوتيوب.
هل الإعلام المعاصر يحارب الفساد أم هو جزء من منظومة الفساد. الإعلام المعاصر في الأردن يمكن أن يكون قوّة فاعلة ضد الفساد لأن القيم الطيبة مازالت نشطة في الذهنية الأردنية. فالأردني كريم وصادق ويتحمل الصعاب من أجل الوطن ومكافح بصبر من أجل العيش الكريم، وفوق كل ذلك نخوته عالية (نخوجي) وعروبي ولا يرضى الضيم لنفسه وأخيه.
هل الإعلام محايد حيال ممارسات فاسدة ؟ لا نعتقد بأن الإعلام يسكت على الخطأ . فالتنوّع الحاصل في الوسائل الإعلامية والإعلام الإلكتروني والإعلام المجتمعي ووسائط التواصل الإجتماعي والوسائط المتعددة يجعل من الإعلام جبهة متعددة الأطراف لا يمكن ضبطها في مواجهة الأخطاء ومحاربة الفساد ومعالجة الخلل في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الإعلام منحاز دائما للصح والوطن والخير ، ولكن يحدث أحيانا أن يخالف الإعلام طبيعتة وفطرته وسبب وجوده الوظيفي ( أي الرقابة)، فالإعلام رقيب يقظ ، وعين كبرى على كل شيء.. على الحياة.
الإعلام الأردني (الرسمي والخاص والمجتمعي) في ظل التغييرات والتحوّلات والتحديات المعاصرة يلعب دوراً غير مسبوق في ملاحقة الأخطاء ، وسقف الحريات مرتفع بشكل ملحوظ. فملك البلاد الكبير رفع سقف الحريات إلى عنان السماء. وصعب التراجع عن ذلك.
صحيح أن هناك عمليات استنساخ للمضامين وتكرار ولكن هناك تنوّع هائل في المضامين بحيث صار الإعلام المعاصر يتناول موضوعات جديدة لم يكن يتطرّق إليها من قبل. وأصبح الإعلام هو الموجّه للرأي العام وصانعاً له. صارت له قوّة كبرى في التأثير والإقناع. وما نحتاج إليه قبل كل شيء هو "دمقرطة الإعلام" أي زيادة نسبة المحتوى الذي يصيغه المتلقي الأردني .
ختاماً، المعلومة موجودة في الشارع ، ولم يعد هناك مُحتكراً للمعلومة ، حتى الدولة لم يعد بإمكانها السيطرة على كل المعلومات. هناك أفول للسيادة على المعلومات والأخبار. والمعلومات أصبحت متاحة للجميع.. لمارق الطريق وشاهد العيان والصحفي المزوَّر. الرقابة الذاتية هي الحكم ولم تعد القوانين رادعة. قانون الجنايات أصبح أكثر فاعلية من قانون المطبوعات والنشر(المشطوب) وهيئة الإعلام.