انقلاب أبيض وحضاري بامتياز في فرنسا، فاز "ماكرون" ليعلن انتهاء حقبة الفساد وليعلن انقلاباً على الحرس القديم وليعلن "فرنسا جديدة" – ليعلن بدء الجمهورية الفرنسية السادسة لتحل محل الجمهورية الفرنسية الخامسة التي اعلنها شارل ديغول في مطلع الستينيات من القرن الماضي. انقلاب من شاب لم يرض الضعف الذي أصاب دولته فرنسا خلال العقدين السابقين، انقلاب من شاب يافع كان يسبح مع القروش وشق طريقه كسمكة السلمون عكس التيار ليصل الى سدة الحكم بإرادة شعبه الفرنسي الحر.
بقدوم ماكرون اليوم للشانزليزيه رئيساً تبدأ الجمهورية الفرنسية السادسة التي سيودع فيها الشعب الفرنسي الجمهورية الفرنسية الخامسة والتي بدأت منذ عام 1959 بقيادة شارل ديغول والتي تعاقب عليها تسعة رؤساء وصولاً الى فرانسوا هولاند. وكما ودع شارل ديغول أخر رئيس للجمهورية الفرنسية الرابعة المارشال بيتان، فان فرنسا اليوم ستشهد وداع أخر رئيس للجمهورية الخامسة.
فرنسا، خلال القرن العشرين بأكمله (أي خلال مائة عام) لم تشهد أي إحالة لأي من رؤسائها للقضاء الا في مرة واحدة فقط وذلك إبان حقبة الخمسينيات من القرن الماضي عندما وجهت تهمة الخيانة العظمى للرئيس السابق المارشال بيتان لتعامله مع الالمان اثناء الحرب العالمية الثانية، وواكب ذلك بزوغ شمس الجمهورية الفرنسية الخامسة.
اما خلال القرن الواحد والعشرين (أي خلال مدة لا تتجاوز العشرين عام)، فقد شهدنا إحالة رئيسين من أصل تسعة رؤساء الى القضاء الفرنسي، ففي عام 2011 وجهت تهمة إساءة استخدام المال العام للرئيس السابق جاك شيراك، وفي عام 2012 وجهت تهمة استغلال نفوذ الى الرئيس ساركوزي لتلقيه أموالاً لتمويل حملته الانتخابية للرئاسة الفرنسية.
مما لا شك فيه بان سمكة السلمون تشق طريقها عكس التيار وتكافح التيارات المندفعة ليس لتعيش هي بل ليعيش صغارها، نرفع القبعة للرئيس ماكرون وللشعب الفرنسي.