زيارة الرئيس الأميركي الى المنطقة، لا يمكن اعتبارها مجرد زيارة عادية، فالرئيس الذي سيعقد ثلاث قمم مع خادم الحرمين، ثم مع قادة دول الخليج العربي، وأخيرا مع قادة عرب ومسلمين، يعيد ترتيب ملف العلاقات مع العالم العربي والإسلامي توطئة لمرحلة مقبلة.
أبرز عناوين هذه المرحلة، انهاء الخطر الإيراني، انهاء ملف الإرهاب، مواجهة الروس، وهذا المثلث يتشكل بشكل واضح، وسيكون له أسس مختلفة، عما مضى.
برغم وجود تحالف عربي أميركي ضد الإرهاب، ووجود تصعيد ضد ايران في جبهات العراق وسوريا واليمن، وهناك تداعيات ضد الروس، الا اننا نشهد تشكيل حلف كبير، هذه الأيام، ضمن قواعد اكثر وضوحا، سوف تؤدي الى خطوات ميدانية، قد تؤدي الى حرب شرق أوسطية واسعة، فهذا تحالف يختلف عن التحالف الذي كان قائما.
واشنطن التي كانت تصعد ضد الإيرانيين في عهد إدارات سابقة، ثم وصلت الى هدنة مؤقتة في فترة باراك أوباما، تتنصل اليوم من هذه الهدنة، نحو زاوية جديدة مختلفة تماما، أي انهاء الخطر الإيراني كليا، والمؤكد وفقا لتحليلات ان الرؤية الأميركية تتحدث عن توزيع حلقات المعسكر الإيراني، وظيفيا، فإسرائيل ستتولى حزب الله، في حرب قريبة، والتحالف العربي الإسلامي الأميركي، قد يدخل سوريا، تحت عنوان محاربة الإرهاب، وله غايات أخرى، اقلها اضعاف المعسكر الإيراني داخل سوريا، فيما فصل الحدود العراقية السورية، عبر حزام أمني، يستهدف قطع تواصل الهلال الشيعي من منتصفه.
لهذه الأسباب سنجد خلال الفترة المقبلة إعادة تموضع في الملف اليمني، نحو رؤية جديدة، لا احد يعرف اسرارها، لكنها ستؤدي الى الوصول الى حل جذري، أيضا، من اجل تخفيف مساحات المواجهة التي ستعلن نهاية أيار الجاري.
لا يمكن اعتبار زيارة الرئيس الأميركي الى المنطقة، عادية، فما قبلها، يختلف عن ما بعدها، فهذه الزيارة سوف تعلن عن حلف عربي إسلامي غربي، سياسي وعسكري، ستكون له اجندته السياسية، وليس مجرد عمليات عسكرية متقطعة مثل التي نراها حاليا.
لكن كيف سيرد أعضاء المعسكر الإيراني- حزب الله- النظام السوري؟
الأرجح انهم يتابعون كل التفاصيل، وقد يسارعون بشكل مسبق، الى خطة واضحة قوامها إعادة خلط الأوراق في كل المنطقة العربية، اما بفتح جبهة جديدة في أي بلد عربي، لم يكن متوقعا الاقتراب منه، من اجل بعثرة كل المخططات، وهذا يعني ان علينا ان نتوقع مفاجأة سيئة في بلد عربي مستقر.
واما باللجوء الى تعميد معسكر جديد بشكل مختلف، وعلى ذات الطريقة الأميركية، بحيث لا تبقى العلاقة مع الروس والصينيين وغيرهم، مجرد علاقات ذات جوانب فنية وعسكرية ولوجستية وسياسية، وبحيث تتحول الى معسكر كامل منظم، له خطته، واسسه، خصوصا، اذا استشعرت كل الأطراف في هذا المعسكر انها مطلوبة لواشنطن.
هذا يعني بكل وضوح، اننا امام معسكرين، يتحولان من تحالف غير مرسوم، وشفهي، على مستوى كل واحد منهما، الى تحالفين منظمين، ولكل تحالف خطته التي لم يعد ممكنا تأجيلها، ولا تقسيطها.
هذا كله، دون مبالغات، سوف يأخذ المنطقة الى ظروف في غاية الخطورة خلال اشهر هذا الصيف، لان جدولة الازمات لم تعد ممكنة، ونحن امام مواجهة او حرب مؤجلة، ستنفجر آجلا ام عاجلا، لاعتبارات كثيرة، بعد ان أجمعت اطراف كثيرة، على كلمة واحدة، في واشنطن، مفادها ان الأوان قد آن لوضع حد لكل هذه الازمات، ولا يبدو في الأفق حتى الان، نية لصفقة تنزع فتيل الحرب.
الولايات المتحدة، في زمن ترمب، يهمها ثلاثة أمور فقط، ثروات المنطقة، أمن إسرائيل، واستعادة العظمة الأميركية في العالم، وهي قضايا تضغط بشدة على الرئاسة الحالية، بوحي من مراكز قوى، تريد اخذ المنطقة الى مواجهة لاعتباراتها المعلنة والمستترة.
الدستور