مأساة الصريح: الكل خسر الكل مصاب
محمد الداودية
12-05-2017 01:56 AM
يقول تعالى: لئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. 28المائدة.
اوجعتنا على مستوى الوطن كله، فاجعة الصريح الحبيبة، التي وقعت بين ابناء العمومة وجيرة العمر لأسباب لا يمكن تصديقها او قبولها.
كما تثير حزننا ذيول هذه الجريمة المؤلمة وما تبعها و سيتبعها من مآسٍ، و»فورة دم» وجلوات وتكسير وتحطيم وحرق واضرار مادية ونفسية ترافق كل الجرائم المشابهة.
عاينت بنفسي وعانيت من حالة مشابهة وانا في العاشرة من عمري، حينما خرجت طلقة من طلقات الفرح والاحتفال، من مسدس خالي ابراهيم مزعل مشري، يرحمه الله واصابت في مقتل، قريبا له يوم عرسه، فتوفي في الحال.
جلا أخوالي من معان وتوزعوا في بلدات الاردن كافة، كان من نصيبنا نحن سكان المفرق احد اخوالي الذي كان لا ينام الليل، يهبّ لدى اول حركة ومسدسه في يده خشية طلابي الثار.
وكنا نحن الاطفال ننام في منزل يخضع للتعتيم الكامل، الشبيه بتعتيم الحرب التي عشناها لاحقا في نكبة حزيران 1967، في امثالنا الشعبية اقوال مأثورة تصف الحال وتحذر من المآل الرهيب:
مثل: الله يكفينا شر الدم والعدم.
ومثل: الله يحمينا من اللايذات.
كانت ساعة هيمن فيها الغضب والجهل والطيش على العقل والتروي والحكمة وكل ما حضّنا ديننا عليه من تسامح وتحاب وتواد.
جاء في حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) متفق عليه.
لقد نفذ قضاء الله وفجعنا بابننا الفقيد قتيبة الشياب وتم يوم أمس مواراة جثمانه الطاهر الثرى. فما الذي يتوجب علينا فعله بعد هذه الفاجعة.
لقد تسببت لحظة جهل وعصبية وتشنج في الكارثة التي وقعت، وتم استخدام وتجريب العنف لحل مشكلة كان يمكن حلها بابتسامة او بكلمة لطيفة، لا غلظة فيها ولا فظاظة. قال تعالى: (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).
انه أوان التفكر في القرآن الذي جاء فيه:
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. 134آل عمران.
لا نزاود على اهلنا الشياب، كرام الناس، الذين يؤمنون، كما كل الفالحين والمتقين، باننا في دولة الحق والعدل والقانون ويؤمنون بقول رب العزة: «ولا تزر وازرة وزر اخرى». مما يستوجب ان ندع الامر الى القضاء والقانون لياخذ مجراه الذي نطمئن اليه. والذي فيه كسر لحلقة الثأر الجهنمية التي إن دارت لا تتوقف ابدا.
لقد حدد الادعاء العام اسماء المشتبه بهم واحالهم الى النيابة العامة، وواجبنا كلنا الآن ان ننتظر نتائج التحقيق، كي تتوضح المسؤوليات فلا يصاب بريء او تنتهك حقوق كما حصل للفقيد المرحوم قتيبة، الذي نتوجه بالضراعة الى الله ان يرحمه وان يمن بالشفاء على المصابين كافة.
الدستور