"عائلات جهادية" أردنية!د. محمد أبو رمان
12-05-2017 01:45 AM
مع سيطرة قوات التحالف على مطار الطبقة، وإطباق الحصار على الرقة، وإنهاء وجود داعش في أغلب الأحياء في الموصل، فإنّ التنظيم يكون قد خسر تقريباً أغلب أراضيه وانهار الكيان الذي أقامه، ولم تبق إلاّ شهور قليلة حتى يتم ذلك. ذلك لا يعني، بالضرورة، انتهاء داعش، فهي فكرياً قائمة، وربما تنتقل "الخلافة المزعومة" إلى العالم الافتراضي، وهنالك جماعات منتشرة في كثير من المناطق مؤيدة للتنظيم (مثل ولاية سيناء، بوكو حرام، ولاية خراسان..)، وحتى "أنصار التنظيم" في كل من العراق وسورية فلن ينتهوا الآن. صحيح أنّ كثيراً من أفراده قتلوا، وأعدادا أخرى اعتقلت، إلاّ أنّ هنالك ما تزال مجموعات وخلايا استطاعت "الانحياز" إلى الصحراء والبادية والمناطق الأخرى التي يسيطر عليها التنظيم في دير الزور وريفها، أو "الاختباء" والتواري لتشكيل خلايا وإعادة الكرّة، والدخول في طور "حرب العصابات"، التي يتقنها التنظيم وأتباعه. على الجهة الأخرى، فإنّ هناك آلاف النساء والأطفال ممن كانوا يؤيديون التنظيم، أو يرتبطون بصلات قرابة مع أفراده في الرقة والموصل، لن يتمكن شريحة منهم من الانحياز أو الاختباء، وستفضّل اجتياز الحدود، كما حدث فعلاً، وتسليم نفسها للسلطات التركية، بدلاً من العراقية أو الكردية، وربما مجموعات أخرى سيتم اعتقالهم من قبل القوات التي تسيطر على مناطق التنظيم. في المحصلة، سنكون أمام أعداد كبيرة من المعتقلين من الأطفال والنساء والعائلات. وعلى الأغلب ستقوم السلطات التركية أو قوات التحالف، وربما الأكراد، بتسليمهم لدولهم، في أوروبا أو العالم العربي، أو آسيا. أردنياً، ليس لدينا تصوّر واضح دقيق، كباحثين ومراكز أبحاث، عن حجم هذه الظاهرة، وعن العدد المحتمل للأردنيات أو الأطفال الأردنيين الذين يمكن أن يتم تسليمهم إلى الأردن بهذه الطريقة، مع انقشاع سلطة التنظيم تماماً عن هذه الأراضي. صحيح أنّ ظاهرة الأردنيات المهاجرات بأنفسهن إلى أراضي التنظيم محدودة جداً، ربما تعدّ النساء الأردنيات على أصابع اليد الواحدة. إلاّ أنّه على الطرف الآخر هنالك أعداد كبيرة من الأردنيين المهاجرين إلى أراضي تنظيم الدولة اصطحبوا عائلاتهم، نساءً وأطفالاً، وكذلك ثمة نسبة أخرى من المقاتلين الأردنيين (في تلك التنظيمات) قاموا بالزواج في سورية من سوريات، وأنجبوا أبناءً منهن، ونسبة من هؤلاء المقاتلين قُتلوا، وأهاليهم سيطالبون بأبنائهم لاحقاً! القصة أكثر تعقيداً، مما تبدو على السطح، وبالإضافة إلى هؤلاء جميعاً هنالك أعداد كبيرة من المقاتلين الأردنيين تركوا عائلاتهم هنا، وقُتلوا هناك، وأصبحت نساؤهم أرامل وأطفالهم أيتاما بلا معيل مباشرة، فيما يتبرع بعض الدعاة والإسلاميين والأقارب بتوفير الحدّ الأدنى من المطلوب مالياً، لكن الأخطر من كل ذلك أنّ هذه العائلات التقطت "الفيروس الأيديولوجي" من الوالد، ما يعني احتمالاً كبيراً للسير على خطاه. بالنتيجة؛ انتقلنا من مرحلة "الأفراد" الداعشيين أو الجهاديين إلى "العائلات الجهادية"، وهذا يتطلب مقاربة مختلفة تماماً مطوّرة عميقة للتعامل مع هذه الحالة المعقدة، فالجانب الأمني لا يمكن أن يعالج هذه الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولا يمكن الزجّ بالجميع في السجون، فهذا تصوّر "سوريالي" للحل! كيف سنتعامل مع العائدات والأطفال العائدين من مناطق القتال في سورية؟! أو مع الزوجات السوريات والأطفال الأردنيين لمن قتلوا أو قاتلوا هناك؟ وهل سنترك شبكة العائلات والعلاقات في أوساط هذا التيار تكبر حتى يصبح هذا المجتمع الجديد أمراً واقعاً، أم المطلوب أن يتم تشخيص حجم الظاهرة وأبعادها وإدماج المجتمع المدني في الحل وإنشاء مؤسسات متخصصة بهذا النوع الجديد من الظواهر؟!
الغد |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة