كان عليّ أن ألقي خطابا بمناسبة انعقاد مؤتمر المنتدى الشبابي الذي تنظمه عادة ، منظمة تنمية مهارات الشباب القيادية " آيسك " مع شركاء محليين في أنحاء العالم ، من أجل تعزيز المهارات القيادية لدى الشباب ، من خلال تقديم الحلول المثلى لمشاكلهم ، عن طريق ورش العمل وتبادل الخبرات والمعلومات والأفكار التي من شأنها تعزيز القيم التعليمية ، وروح التطوع والعطاء ، وربط العلاقات مع المؤسسات والشركات التشغيلية ، وغير ذلك مما يخدم المنظومة العالمية للتعليم والثقافة والبيئة والتنمية .
في لحظة ما أدركت وأنا ألقي الخطاب الذي تضمن وجهة نظري بشأن أهمية التفاعل بين جميع المؤسسات ، وفي مقدمتها الجامعات لدعم المبادرات الشبابية ، شعرت أنني أفقد التواصل الوجاهي بيني وبين معظمهم ، وربما أحسست بنوع من القطيعة بينهم وبين الخطاب المكتوب والمعد سلفا ، فوضعته جانبا ، واستكملت ارتجالا أهم ما فيه من نصائح رأيتها ضرورية ، من بينها حب الوطن أولا وقبل كل شيء ، والتفكير في ما يجب أن نعطيه ، وليس ماذا سنأخذ منه ، فضلا عن نبذ التعصب وقبول الآخر ، وأهمية التفكير والتحليل الاستراتيجي في حياة الأفراد والجماعات ، ووضوح الرؤية وتحديد الأهداف .
وضربت الأمثلة من تجربتي الشخصية ، مركزا على ما يمكن أن يثير انتباه الشباب إلى بعض التفاصيل التي قد تشكل فارقا حاسما بين النجاح والفشل ، فرأيت تغير تعبيرات الوجوه ، ولمست قدرا من التفاعل المباشر مع الأبعاد الإنسانية للأمثلة التي عرضتها ، خاصة وأنا أتحدث عن مرحلة كنت وقتها في مثل سنهم ، أدرس وأعمل في ظروف شاقة للغاية ، خلصت منها بمبدأ الاعتماد على النفس ، والقدرة على مواجهة المخاطر !
ما زلت أسير تلك اللحظة التي أشعرتني بنوع من الحيرة إزاء هذا الغموض الذي قد نراه في عيون الشباب ، وأخشى أن وراءه بعض الشك في روايتنا نحن الآباء ، ظنا منهم أننا متورطون في الوضع الذي صارت عليه أحوالنا اليوم ، وعتبا علينا بأن زمن خطاب الآباء للأبناء قد ولى ، وكأنهم يقولون إما أن تتحدثوا إلينا من منطلق أننا أطراف متساوون في قضية معينة ، وإما أن نصبر عليكم حتى تتموا خطاباتكم ، أما نحن فلنا رأي آخر ، يبدو لي أنه قد حان الوقت لنستمع إليهم أولا !
الراي